قابلت ياسر عرفات كثيرا، لأني عملت سنوات طويله مستشارا لإبي جهاد. ومع رحيل أبي جهاد، اختار أبو عمار نبيل ابو ردينة كمستشار سياسي واخترت أنا أن اعمل في مجال البحوث والدراسات. وكل مواطن عربي له علاقة شخصية بياسر عرفات، ربما لانه زار كل البلاد العربية وقابل عشرات الآلاف من الأشخاص وكانت لديه ذاكرة حديدية يذكر بها وجوه من قابلهم.
وفي بيروت حين كنت الى جوار أبي جهاد، شاهدت ابو عمار عشرات المرات وهو يتصرف كقائد حقيقي. وعندما قصف مقره لم يخف بل قام وأدى الصلاة وحمل سلاحه الشخصي وهو يقول «هبت رياح الجنة يا شباب» وقام ليكون في الخطوط الاولى لدرجة ان الفدائيين طلبوا منه ان يتراجع لأن إسرائيل لو علمت بوجوده فستقصف المكان لكنه رفض وظل مرابطا.
لم أره في المعركة متوترا أبدا. وأشهد له انه واحد من اشجع الرجال ولم أره مترددا ولا خائفا ولا وجلا في المعارك العسكرية. وكنا في تونس اثناء اجتماع القيادتين الاميركية والسوفيتية وكانت هناك طائرات تمسح السهل التونسي بكشافات كبيرة خوفا من وجود زوارق تقصف مكان اجتماع الرئيسين. ومن قوة الكشافات أضاءت مقر عرفات فظن المرافقون له ان إضاءة موقعه تمهد لقصفه فهرعوا للداخل، وابلغوه فما كان منه الا ان حمل سلاحه الشخصي وخرج الى الشارع وهو يصيح مجددا «هبت رياح الجنه يا شباب».
ولا يستطيع احد حتى أعداء عرفات ان ينكروا انه لعب الدور الأساسي في تحويل القضية الفلسطينية من قضية لاجئين الى قضية شعب، وهو الذي وضع قضية شعب على جدول أعمال العالم.
*("النهار" اللبنانية 12/11/2004)