الرئيس الشهيد أبو عمار
ببعديه الإنساني والنضالي
بقلم: *محمد زهدي النشاشيبي
عرفات الشهيد الذي نحيى اليوم ذكرى مرور عام على استشهاده قضى مغدوراً .. لا أحد يعلم حتى الآن كيف دس له السم وبيد من وبواسطة من وبدافع ممن !!!
عرفات عرفناه ببعديه الانساني والنضالي القيادي الريادي .
عرفات الذي فقدناه قدم نموذجا رائعاً للصمود الأسطوري في مواجهة الحصار الاسرائيلي في مقره، وقد عانى بعض الاحيان من تجاهل بعض القادة الأشقاء له في عزلته.
عرفات عانى كثيراً من أثر الحصار المدمر على صحته ولكن ذلك لم ينل من عزيمته وصموده وشموخه واصراره على مواجهة التحدي رغم قساوة الظروف التي احاطت به.
عرفات القائد الشهيد عاش القضية الفلسطينية حتى آخر لحظة من حياته، وقد وهبها كل ما يملك من عقل وحكمة وحصافة وبعد نظر ومواهب قيادية قل مثيلها،
عرفات .....إنه امة في رجل
عرفات بلغ الذروة في الشهرة وتألق في سماء المنطقة زعيما شعبيا فذاً ورغم كل ذلك ظل انساناً متواضعاً يحب الناس ويهوى خدمتهم ويعشق الاطفال ويحنو عليهم ، يحب الفقراء ويرعاهم
يقيم عالياً الابطال والمناضلين والشهداء ويمجدهم
رحل الزعيم المؤمن الذي لا يعرف الخوف ولا يهاب الموت وقد قال له ذات مرة الدكتور اسامة الباز ونحن نهم بركوب الطائرة من القاهرة إلى تونس – وهو يرفض تقديم التنازلات رغم الضغوط الامريكية "حيقتلوك يا أبو عمار" فإجاب أبو عمار مرحبا بالشهادة "إنني لا أخشى الموت واتمنى اللحاق باخواني القادة الشهداء".
رغم كل الظروف الصعبة والاحباطات بسبب تراجع الموقف الرسمي العربي والاسلامي ظل عرفات واثق الخطوة يمشى ملكاً مؤمناً بعدالة قضيته وان النصر آت لا ريب فيه.
عرفات القائد الشهيد .... سهر الشعب الهندي في نيودلهي طيلة الليل ليراه في ساعات الصباح الباكر ويحييه ساعة وصوله إلى المطار .
عرفات القائد المناضل المتواضع وقف الالمان تحت المطر لتحيته وهو يخرج من القصر البلدي في فرانكفورت.
عرفات الذي خسرناه خرج الملوك والرؤساء العرب باستثناء واحد منهم لاستقباله في المطار يوم حضوره مؤتمر القمة في فاس بالمغرب .
عرفات ساهم في أثناء مؤتمر القمة الاسلامي الذي عقد في لاهور بالباكستان في إنهاء القتال بين اقليمي باكستان : بنغلادش وباكستان مما أدى إلى قيام دولة بنغلادش واعتراف حكومة باكستان بها.
شاهدت بأم عيني مدى احترام الزعيم الباكستاني الراحل ذو الفقار علي بوتو له فقد اصر ان يستضيف الرئيس عرفات في منزله الخاص لا في مقرات الضيافة الرسمية.
عرفات القائد الشهيد أصر الرئيس البرتغالي سواريز على استقباله في المطار ووداعه في المطار في أول زيارة له لأوروبا وقد اتفق بعض الرؤساء الاوروبيين في حينه على استقباله كرئيس سلطة وليس كرئيس دولة.
عرفات استقبلته الأمم المتحدة بكل احترام واجلال حين القى خطبته المشهورة والتي قال فيها "لا تسقطوا غصون الزيتون من يدي" وصفق له الاعضاء بحرارة.
عرفات الذي انتقلت الجمعية العمومية للأمم المتحدة إلى جنيف وعقدت اجتماعها هناك لتستمع له بعد أن تعذر سفره إلى الولايات المتحدة .
عرفات القائد الشجاع هو الرئيس الوحيد الذي قال (( لا )) للرئيس الامريكي في مجمع كمب ديفيد.
عرفات القائد الفذ الذي قاد النضال الفلسطيني دون منازع طيلة خمسين عاما أو يزيد صمد في وجه التحديات والمؤامرات . هذا هو عرفات القائد الشهيد الخالد الذي نحي اليوم الذكرى السنوية لاستشهاده.
في هذه الذكرى نؤكد التزامنا بالنضال لتحقيق الأهداف التي استشهد القائد الرمز من أجلها.
وها هو ذا الرئيس محمود عباس ورفاقه في القيادة يعملون بكامل طاقتهم لمواجهة التحديات ويؤكدون تمسكهم بالثوابت الوطنية الفلسطينية والاستمرار في النضال لانهاء الاحتلال، واقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين إلى ديارهم ووقف الاستيطان ومنع الاستمرار في اقامة جدار الفصل العنصري والتمسك بضرورة هدم ما بني منه ويناضلون ايضا من أجل اطلاق سراح الاسرى والمعتقلين وتنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها، ومن أجل التغلب على الفلتان الامنى وفوضى السلاح دون اللجوء إلى القوة التي قد تؤدي إلى حرب اهلية.
ومن أجل إنجاز المشروع الوطني الذي بدأناه مع القائد الشهيد الرئيس ياسر عرفات وكافة الشهداء الذين ضحوا بارواحهم من أجل الحرية والاستقلال فإننا نعاهد شعبنا على الاستمرار في النضال ومقاومة الاحتلال والتصدي للعدوان كما نؤكد التزامنا بالعملية الديمقراطية التي ما زالت متواصلة منذ الانتخابات الرئاسية والانتخابات البلدية والانتخابات التشريعية القادمة باعتبارها شكلاً من اشكال النضال الديمقراطي ولكي نثبت للعالم أجمع بأننا شعب يعشق الحرية ويحرص على ممارسة العملية الديمقرطية. وبهذه المناسبة نرحب بتأكيدات الرئيس محمود عباس بان الانتخابات التشريعية ستجري في موعدها المحدد فهي سياج وأداة للوحدة الوطنية.
وندعو المجتمع الدولي للضغط على اسرائيل لتنفيذ التزاماتها التي حددها هذا المجتمع وفي مقدمتها وقف النشاطات الاستيطانية التي تعتبر جميعها غير شرعية، وهدم جدار الفصل العنصري والتعويض على المتضررين من بنائه عملاً بقرار محكمة العدل الدولية وقرار الجمعية العامة للامم المتحدة المؤيد له، ولا بد من حملة دولية ضد جدار الفصل العنصري والضغط على اسرائيل أيضاً من أجل الانسحاب من كافة المناطق والمدن التي اجتاحها الجيش الاسرائيلي في 28 ايلول عام 2000 تمهيداً للانسحاب الشامل من جميع الأراضي المحتلة.
لقد آن الأوان ليعيد الجانب الفلسطيني النظر في مجمل صورة الوضع ومضامينه وأن يعيد النظر في المواقف والاستراتيجيات وأساليب العمل المطلوبة لمواجهة التحديات التي يفرضها هذا التنصل الأمريكي من الالتزام الفعلي بتحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة قبل نهاية ولاية الرئيس بوش الثانية والموقف الأمريكي من الاحتلال الإسرائيلي وممارساته.
وفي هذا المجال لا بد من أن نأخذ بالحسبان الدور الذي يفترض أن تنهض به الأمة العربية والإسلامية وكل القوى المحبة للحرية والعدل والسلام في العالم وذلك بعد أن أثبتت الإدارة الأمريكية انها لا تتعامل بمنطق الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية في الوقت الذي جرت فيه امريكا العالم إلى حرب عدوانية مدمرة باسم الشرعية خدمة لمصالحها ومصالح اسرائيل ولتكريس ازدواجية معاييرها.
لقد أكدت الشبكة الاورو متوسطية لحقوق الانسان ( EMHRN ) أنه رغم انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة الا انه ما زال محتلا نتيجة القيود التي تفرضها اسرائيل على حركة المواطنين الفلسطينيين في التنقل والظروف الصعبة التي يمرون بها. وأكدت الشبكة أن أحد الأهداف الرئيسية لخطة الفصل أحادية الجانب هو عدم تمكين الفلسطينيين من السيطرة على أرضهم وإقامة دولتهم المستقلة، ولعل آخر الإجراءات العنصرية الإسرائيلية هو القرار بان يكون للمستوطنين المستعمرين الاسرائليين الطرق الخاصة بهم في طول الضفة الغربية وعرضها والتي يحرم على الفلسطينيين استخدامها والسفر عليها.
ان ما فشلت اسرائيل في تحقيقه طوال سنوات الاحتلال تسعى الآن إلى إحيائه من خلال تحويل الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة للحيلولة دون اقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة ومن أجل فرض هجرة قسرية على شعبنا، الا أن إلتفات السلطة إلى هموم المواطنين يعزز صمودهم في وجه الاستيطان والعدوان ويعزز قدرتهم على إفشال المشاريع الاستيطانية الإسرائيلية.
إننا نطالب بالعمل العاجل مع جميع أطراف اللجنة الرباعية الدولية لعقد مؤتمر دولي للسلام للوصول إلى حل نهائي للصراع العربي الاسرائيلي يقوم على تنفيذ قرارات الامم المتحدة ذات الصلة بهذا الصراع وبخاصة القرارت 242 ، 338 ، 1515،194 بما يؤدي إلى انهاء الاحتلال الاستيطاني والعسكري الاسرائيلي لجميع الاراضي الفلسطينية والعربية التي احتلتها اسرائيل في 5 حزيران 1967 وفي مقدمتها القدس الشرقية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية وعلى حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم .
اما القدس فليس يكفي أن تكون لها وزارة ووزير فمواجهة المخططات الاسرائيلية لتهويد القدس تتطلب اقامة هيئة عربية إسلامية تتولى الدفاع عن القدس في المحافل الدولية وحماية مقدساتها الاسلامية والمسيحية واعادة ربطها بمحيطها وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لها.
واما لجنة القدس التي يرأسها ملك المغرب فقد تعطلت عن العمل لاسباب نجهلها إذ انها لم تجتمع منذ عدة سنوات وعليه لا بد من تفعيلها أو ايجاد البديل.
واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مطالبة بإحياء ما كان يعرف بمنظمة التضامن الافرو أسيوية والتي كان لها دور فعال في التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته على الساحة العالمية، ولا بد أيضاً من تشكيل هيئة تهتم بجميع القوى والاحزاب والمنظمات التي تتضامن مع الشعب الفلسطيني في شتى المناسبات.
وعلى صعيد النضال الوطني فإننا مطالبون اليوم بوضع استراتيجية لإدارة الصراع مع الاحتلال ومواجهة مخططات شارون لتحويل غزة إلى سجن كبير والتهام اراضي الضفة الغربية واستفحال الاستيطان واستمرار بناء جدار الفصل العنصري والاجراءات العنصرية الأخيرة التي تحرم الفلسطينيين من السفر على الطرق الرئيسية في فلسطين.
مما يدعونا إلى ضرورة حشد القوى والجماهير في معركة ضد جدار الفصل العنصري والقيام بحملة عالمية لتفعيل قرار محكمة العدل الدولية بشأن الجدار ودعوة الامم المتحدة إلى تنفيذ قرارها بهذا الشأن والذي يقضي بوقف بناء الجدار وهدم ما تم بناؤه منه . والجدير بالذكر ان الرئيس بوش قال لإسرائيل في المؤتمر الصحفي الذي عقده في البيت الابيض مع الرئيس محمود عباس ، إنها لا يمكن أن تستخدم جدار الفصل العنصري كوسيلة لرسم حددوها.
وفيما يتعلق بادارة الصراع مع سلطات الاحتلال فقد اعلنت فصائل المقاومة الوطنية والاسلامية التزامها بالتهدئة وانها ستعمد إلى التشاور مع القيادة ( الرئيس أبو مازن ) في حال تعرضها للعدوان الاسرائيلي ، وهذا موقف مسؤول لا بد من التأسيس عليه، فالتشاور في هذا المجال لا يمكن ان يكون ظرفياً وطارئاً بل لا بد من وضع آلية له وفق استراتيجية تحدد أهداف المقاومة وأساليبها وتشكيل القيادة الموحدة لها في إطار منظمة التحرير الفلسطينية بحيث نحافظ على نبل ظاهرة المقاومة التي اقرتها المواثيق الدولية واتفاقية جنيف الرابعة، وبحيث نحافظ أيضا على دعم العالم لحقنا المشروع في المقاومة ونتحاشى ما قد تجلب الانتقاد لنا على الصعيد العالمي.
وانطلاقا من التمسك بالثوابت الوطنية وحق شعبنا في المقاومة من أجل دحر الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف ومن أجل تعزيز قدرتنا على ادارة الصراع ومن أجل بناء وترسيخ وحدة شعبنا وقواه السياسية والاجتماعية ومن اجل تعزيز العلاقة النضالية بين القوى الوطنية والإسلامية وبينها وبين السلطة الوطنية الفلسطينية فإن المرحلة القادمة لابد وأن تستند على الأسس والمبادىء التالية:
1.الانتفاضة والمقاومة بكافة اشكالها والنضال السياسي والعمل الدبلوماسي جميعها وسائل كفاحية مشروعة من حق شعبنا أن يمارسها لدحر الاحتلال وتحقيق اهدافه الوطنية.
2.تمسكنا بالتهدئة التي وردت في اعلان القاهرة شرط أن تتوقف اسرائيل عن ممارسة اعمالها العدوانية .
3.تحريم المساس بسلاح المقاومة طالما بقي الاحتلال جاثما فوق اراضينا
4.احترام وحدانية السلطة والتزام الجميع بسيادة القانون ودعوة مؤسسات السلطة وكافة أجهزتها الأمنية للقيام بمسؤولياتها لضمان أمن الوطن والمواطن ووضع حد للفوضى والفلتان الامني.
5.اعتماد الحوار وسيلة للتعامل بين كافة القوى دعماً للوحدة الوطنية وتحريم الاحتكام للسلاح في الخلافات الداخلية.
6.الالتزام بميثاق الشرف بين الأحزاب والفصائل والقوى الوطنية الفلسطينية كافة.
7.اجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المحدد.
اما على صعيد منظمة التحرير الفلسطينية فإننا مطالبون اليوم بدعوة اللجنة الوطنية العليا لتفعيل وتطوير منظمة التحرير إلى الانعقاد فوراً وتشكيل المرجعية القيادية الفلسطينية الموحدة في اطار منظمة التحرير وتحديد صلاحياتها ومفهوم المرجعية.
*عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
العدد من17نشرة"آفاق" عدد خاص التوجيه الوطني السياسي 11/11/2005 رام الله.