ولد ماجد محمد أبو شرار في قرية دورا قضاء الخليل، جنوب الضفة الغربية في الخامس والعشرين من آب عام 1934، عاش وترعرع بين قمم الجبال وعناقيد العنب وكروم التين والزيتون التي تشتهر بها منطقة الخليل وأنهى المرحلة الابتدائية في مدرسة قريته، وكان ماجد الأخ الأكبر لسبعة من الأبناء الذكور وثلاث عشرة من الإناث.
عمل والده فنياً لاسلكياً في حكومة الانتداب البريطاني حتى حلول النكبة عام 1948، حيث التحق حينها بجيش الجهاد المقدس بقيادة الشهيد عبد القادر الحسيني كضابط في جهاز الإشارة، وبعد هزيمة الجيوش العربية صيف 1948، انتقل ماجد برفقة والده وكامل أفراد اسرته إلى قطاع غزة حيث يتواجد الجيش المصري الذي انسحب للقطاع على امل ان يعاود الجيش الكرّة من جديد في محاربة الكيان الصهيوني الذي بدأ بفرض وجوده على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبعد أن هدأت جبهات القتال، بقي والده في غزة واستقال من الخدمة العسكرية وعمل بشهادة الدبلوم في الحقوق التي كان يحملها في المحكمة المركزية في غزة، ثم عمل قاضياً ثم تقاعد ليعمل محامياً حتى وفاته عام 1996 في مدينة غزة.
أكمل ماجد دراسته الثانوية في غزة حيث تبلورت فيها معالم أفكاره وتوجهاته الوطنية والسياسية، ثم التحق في العام 1954 بكلية الحقوق في جامعة الإسكندرية وتخرج منها عام 1958، ليلتحق بأمه وإخوانه الذين عادوا إلى قرية دورا من أجل الحفاظ على أملاكهم بينما بقي والده مع زوجته الثانية في قطاع غزة.
بدأ ماجد أبو شرار مسيرته المهنية كمعلم في مدرسة " عي" قضاء الكرك ثم أصبح مديراً لها حتى عام 1959 حيث سافر إلى السعودية ليعمل محرراً في صحيفة الأيام في مدينة الدمام.
التحق في أواخر عام 1962 بحركة التحرير الوطنية "فتح" حيث كان التنظيم يشق طريقه بين شباب فلسطين العاملين في تلك المنطقة التي عرفت رموزاً نضالية متميزة في قيادة حركة فتح أمثال المهندسين الشهيدين عبد الفتاح حمود وكمال عدوان والأخوة احمد قريع وسليمان أبو كرش ومحمد الأعرج وسعيد المزين وغيرهم.
عاد ماجد أبو شرار من الدمّام إلى عمّان ليتفرغ للعمل السياسي والإعلامي في الحركة، ففي عام 1968 عمل في جهاز الاعلام التابع للحركة والذي كان يشرف عليه مفوض الإعلام آنذاك الشهيد كمال عدوان، تولى بعدها رئاسة تحرير صحيفة "فتح" اليومية ثم أصبح مديراً لمركز الإعلام، كما ساهم في تأسيس مدرسة الكوادر الثورية في قوات العاصفة عام 1969، وبعد استشهاد كمال عدوان في العام 1973 أصبح ماجد أبو شرار مسؤولاً عن الإعلام المركزي ثم الإعلام الموحد لمنظمة التحرير الفلسطينية.
في الفترة ما بين 1973 و1978 تولى ماجد أبو شرار منصب المفوض السياسي العام لحركة فتح وأثناء توليه لمهامه كمفوض عمل على رسم خط السير السياسي للحركة، كما عمل على دعم وتطوير مدرسة الكوادر.
تم اختيار ماجد أبو شرار اميناً لسرّ المجلس الثوري في المؤتمر الثالث لحركة فتح عام 1971، وبعد عملية فردان عام 1973 أصبح عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني، كما تم انتخابه في المؤتمر الرابع للحركة عام 1980 ليكون عضواً في اللجنة المركزية.
اعُتبر ماجد أبو شرار أحد أبرز قياديي تيار اليسار الديمقراطي في فتح الذي ضم ناجي علوش ومنير شفيق وحنا ميخائيل وغيرهم والذي نتج عنه تنظيمات وتشكيلات ومنها الكتيبة الطلابية.
نجح ماجد أبو شرار في محاولة رص صفوف هذا التيار وقيادته في الحركة وكان له موقف واضح في تأييد الاتحاد السوفييتي والرغبة في كسب دعمه وانعكس ذلك في تصريحاته ومواقفه، كما كان له أيضاً موقف حازم في وجه الأفكار الانشقاقية التي كانت تجول بخلد بعض رموز اليسار في صفوف الحركة، واستطاع هزم فكرة الانشقاق في بدايتها.
وبالإضافة لنشاطه السياسي كان عضواً في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين منذ عام 1972 حيث كان كفاءة إعلامية متميزة وكاتباً وقاصّاً وأديباً وصدرت له مجموعة قصصية بعنوان " الخبز المرّ" كان قد نشرها في مطلع الستينات في مجلة الأفق المقدسية لكن العمل الثوري سرق من ماجد انتاجه الأدبي وحدَ من مخيلته الإبداعية فتغلبت السياسة على روح الاديب لديه وخسر أدب القصة ، بينما واصل كتاباته السياسية الساخرة في زاوية بعنوان "جداً" في صحيفة فتح حيث اشتهر بمقالاته " صحفي امين جداً" و " واحد غزاوي جداً " و " شخصية وقحة جداً".
مثّل ماجد أبو شرار قيمة فكرية ونضالية وإنسانية وأدبية وعُرف عنه كفاءته في التنظيم وقدرته الفائقة على العطاء والإخلاص في الانتماء، لم يكن رجلاً مكتبياً على الاطلاق بل قائداً ميدانياً كثير التنقل بين قواعد الفدائيين في الأغوار حيث اخبار الدوريات الليلية والعمليات العسكرية وبين وكالات الانباء التي كانت تنتظر منه البيانات السياسية والعسكرية والمواد الإعلامية حيث كان اعلامياً مبدعاً وخلاقاً أدرك أهمية الاعلام الثوري الفاعل في تحويل نظرة الشعوب للقضية الفلسطينية فعمل على تطوير الاعلام والتوثيق والسينما في منظمة التحرير الفلسطينية ومن الناحية السياسية كان يؤمن بضرورة المرونة السياسية بما لا يمس أياً من الثوابت الوطنية وفي مقدمتها الحق في الكفاح المسلح وهو الحق الذي ضمنته كل المواثيق والقوانين الدولية وهكذا كان ماجد مرناً حيثما تقتضي المرونة وصلباً حيثما يقتضي الثبات، هو القائد الشمولي الشعبي المنحاز للبسطاء والذي تعمق في الحياة الاجتماعية وألقى عليها ظلاله الأدبية حيث لامس من خلال كتاباته أوجاع الناس وهمومهم، كان مناضلاً بالفكر والقلم والرصاص.. كان قائداً سياسياً بمخيلة أديب.
لم تستطع إسرائيل أن تحتمل أفكار ماجد أبو شرار التي يجود بها قلمه كما لم تحتمل من قبل كتابات غسان كنفاني وكمال ناصر وكمال عدوان، فدبر له عملاء الموساد الإسرائيلي شراكاً قاتلة، ففي صبيحة يوم التاسع من أكتوبر عام 1981 واثناء مشاركته في فعاليات التضامن مع الشعب الفلسطيني في روما، انفجرت قنبلة زرعها العملاء تحت سريره في فندق فلورا في مدينة روما ليلتحق بكوكبة من شهداء القلم الفلسطيني الذين اغتالتهم المخابرات الإسرائيلية، وتم نقل جثمانه إلى مدينة بيروت ليدفن في مقابر الشهداء.
وهكذا انتهت رحلة الثائر الجوال من دورا إلى غزة إلى مصر إلى السعودية إلى الأردن إلى دمشق وبيروت ومنها عبر الآفاق إلى معظم عواصم العالم من هافانا في أقصى الغرب إلى بكين في أقصى الشرق.
رثاه صديقه الشاعر محمود درويش في ديوان " في حضرة الغياب" وافُتتحت مؤسسة باسمه " مؤسسة ماجد أبو شرار الإعلامية تخليداً له وهي منظمة تعمل من اجل تمكين الشباب في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان في المجال الإعلامي، كما أصدرت وزارة الثقافة الفلسطينية كتاباً عنه بعنوان " لا بد أن يعود" والذي أصدرته ضمن مشروع كتاب للجميع.
كان ماجد أبو شرار شخصية وطنية فذَة استلهم منهجه النضالي الخاص وتراثه الفكري المتميز السابق لعصره، لُقَب ب " أبو الكوادر الثورية" حيث استطاع بناء مدرسة ثورية سياسية فكرية من خلال شخصيته التنظيمية التي تقوم على تفعيل الوعي النضالي والسياسي في حالة تراكمية تضمن استمرارية النهوض والعطاء في المشروع الوطني، هو السياسي الواقعي الذي يبني مواقفه ضمن رؤية عملية ومدروسة، صاحب القول والفعل، مثال للوطني والمناضل الحرَ الذي كان دائماً يدعو لرص الصفوف والوحدة في الكفاح لتحقيق الأهداف، ترك خلفه تجربة ثورية رائدة، يقتدى بها من بعده من اجل استمرارية الكفاح وتحقيق المشروع الوطني في تحرير فلسطين.
حيث كان يقول:
"إن حماية الوحدة الفلسطينية داخل الوطن المحتل وخارجه أحد اسلحتنا الرئيسية التي نقابل بها أعدائنا وشرط من شروط الانتصار".
.