القدوة يطرح برنامجًا من نقاط عشر للخروج من مأزق المشروع الوطني

2016-06-12

طرح الدكتور ناصر القدوة، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات، برنامجًا من نقاط عشر للخروج من المأزق الحالي الذي يعيشه المشروع الوطني، ابتداء بإعادة تحديد الهدف الوطني المركزي، وانتهاء بالإمساك بزمام المبادرة السياسية والحفاظ على القرار الفلسطيني المستقل، مشددًا على أن الأهم هو تحويل الرؤى إلى سياسات رسمية، وهذه مسؤولية جماعية تقع على عاتق مختلف مكونات الشعب (القيادة، الهيئات، التنظيمات، الأفراد).
جاء ذلك خلال الحلقة الخامسة من سلسلة حلقات "ما العمل" التي ينظمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات)، بحضور أكثر من 130 شخصية من السياسيين والأكاديميين والنشطاء. وقد أدار الحوار في البيرة هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، بينما أداره في غزة صلاح عبد العاطي، مدير المكتب هناك.
وفي حديثه، عرض القدوة النقاط البرنامجية العشر على النحو الآتي:
أولًا: إعادة تحديد الهدف الوطني المركزي وصياغته بصورة واضحة، وهو يتثمل بإنجاز الاستقلال الوطني وممارسة السيادة في دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس أن الدولة قائمة بفعل الحق الطبيعي والتاريخي للشعب الفلسطيني، وبفضل الاعتراف الدولي الواسع بهذه الدولة، وليس على أساس أخذ الدولة من إسرائيل.
ويقوم هذا الهدف على استبعاد الكلام الرومانسي الضارّ حول ما يسمى حل "الدولة الواحدة"، لأن المطروح واقعيًا ليس دولة ثنائية القومية، بل دولة "يهودية" على كافة أراضي فلسطين الانتدابية، وطرد جزء من السكان وتشريع الاستعمار الاستيطاني.
ثانيًا: إعادة تحديد المقاربة العامة لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، على أساس حل سياسي يستبعد العمل العسكري، ويؤكد النضال في كافة المجالات، محليًا ودوليًا، بهدف الضغط على العدو وهزيمة ممارساته، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن السلام لم يتحقق وأننا ما زلنا تحت الاحتلال وعرضة لكل أنواع الاضطهاد، إضافة إلى رفض إغراء الجانب الإسرائيلي عبر تبني سياسة لا بديل عن المفاوضات إلا المفاوضات.
ثالثًا: تحديد العلاقة بين مهام التحرر الوطني ومهام بناء الدولة، وهذا التناقض بينهما بحاجة إلى حل على قاعدة إعطاء الأولوية لإنجاز مهام التحرر الوطني، ما يعني ضرورة إعادة صياغة السلطة الفلسطينية وتحويلها إلى سلطة خدمية، وترحيل المهام السياسية والسيادية إلى المنظمة، ومراجعة العقيدة الأمنية لتكون مهمة الأجهزة الأمنية خدمة المواطن.
رابعًا: إعادة الاعتبار للمؤسسة الفلسطينية، وخاصة السياسية، (المجلس الوطني، المجلس التشريعي، التنظيمات، وكذلك النقابات والاتحادات ومؤسسات المجمتع المدني)، لا سيما أنها تمر في مرحلة ضعف شديد، يصل في بعض الأحيان إلى حد درجة الموات، فالمجلس الوطني غائب منذ 20 عامًا. ولذلك، لا بد من إعادة إحياء المؤسسة الفلسطينية ودمقرطتها عبر إجراء انتخابات دورية لتشكل هذه المؤسسات حاملًا للمشروع الوطني.
خامسًا: تحديد الخطر الأساسي الذي يهدد الهدف الوطني والتركيز على مواجهته، وهو يتمثل بالاستعمار الاستيطاني لبلادنا الذي يستعمر الأرض وينفي وجودنا ويمنع استقلالنا. ولا بد من مواجهة الجانب الفلسطيني لهذا التهديد عبر أدوات هائلة ممثلة بالقانون الدولي الإنساني، واتفاقية جنيف الرابعة، والفتوى القانونية لمحكمة لاهاي، وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، وهذه الأدوات بحاجة إلى تعبئة كاملة من الأفراد والمؤسسات الفلسطينية للمشاركة في المعركة ضد الاستعمار الاستيطاني، وبعد ذلك على الإقليم أن يتحمل مسؤوليته، بالاضافة الى بناء منظومة دولية لمواجهة هذا الاستعمار الاستيطاني.
سادسًا: استبعاد المفاوضات دون توفر أساس سياسي واضح متفق عليه ومشرعن دوليًا، وإعلان فشل المقاربة القديمة التي تقوم على أساس المفاوضات المباشرة دون شروط أو مرجعية، وعدم العودة إليها مرة أخرى.
سابعًا: استعادة الوحدة الوطنية، سياسيًا وجغرافيًا، على أساس مقاربة شاملة تستجيب لمتطلبات أربعة: أولها إعادة الوضع إلى ما قبل 2007 عبر تخلي "حماس" عن سيطرتها على قطاع غزة في كافة مناحي الحياة، وثانيها، الشراكة السياسية الكاملة في منظمة التحرير والحكومة والجهاز الوظيفي للسلطة من خلال تخلي "فتح" عن سيطرتها عن النظام الحالي وبناء نظام قائم على الشراكة، وثالثها، وجود أساس سياسي واضح يتضمن الاتفاق على الهدف الوطني وهذا يكفي ليشكل جوهر البرنامج السياسي للمنظمة، وأخيرًا، قبول مشترك للديمقراطية وتداول السلطة.
ثامنًا: اعتماد سياسات اقتصادية لإيجاد اقتصاد منتج يساعد على الصمود، عبر تشجيع الإنتاج الزراعي والصناعي بدلًا من تشجيع الاستهلاك.
تاسعًا: التفاعل في مواجهة مشاكل المنطقة، من خلال مواجهة التيار الإسلامي العنيف والتفاهم مع التيار الإسلامي المعتدل، والتصدي للطائفية الصاعدة (سني شيعي)، ويكون التعامل مع إيران على أساس عربي إيراني وليس سني شيعي، وعلينا واجب استخدام القيمة الأخلاقية للقضية الفلسطينية لمواجهة الصعود الطائفي.
كما لا بد أن ننتصر للدولة الوطنية المعرضة لخطر شديد بصرف النظر عن وجهات النظر تجاه أنظمة الحكم في هذه الدول، من خلال الحفاظ على الدولة الوطنية من جهة واحترام طموحات الأكراد في الدول التي يقيمون فيها من جهة أخرى.
عاشرًا: الإمساك بزمام المبادرة السياسية والحفاظ على القرار الفلسطيني المستقل واستعادة قوة تحالفاتنا الدولية، وفي مقدمة هذا العنوان تكون علاقة العضوية مع العرب الرافعة الأساسية للعمل الفلسطيني دون التخلي عن القرار المستقل، ما يتطلب مصداقية ووضوح السياسة الفلسطينية، مع رفض – في هذا السياق - أي تغيير في مبادرة السلام العربية.
وأشار القدوة إلى وجود متطلبات جمعية يجب العمل عليها معًا، والتفاهم على أرضية وضع شامل يشمل الضفة والقدس رافضًا للحلول الجزئية مثل الكونفدرالية مع الأردن أو دويلة في غزة، فبيّن أن الأردن لا يريد أن يتحمل مسؤولية الضفة، بينما لا تريد إسرائيل الانسحاب منها. كما تريد فصل غزة عن الضفة ورمي القطاع في حضن مصر.
وتداول الحضور العديد من الآراء التي ركّزت على أهمية تحويل هذا البرنامج إلى سياسات عملية تتبناها القيادة الفلسطينية والفصائل وصناع القرار، بما ينعكس إيجابًا على القضية الفلسطينية والمشروع الوطني، والعمل على إنهاء الانقسام وإنجاز الوحدة الوطنية بوصفها المنطلق الأساسي للخروج من حالة التدهور الحاصلة على الصعيد السياسي والحياتي، بينم اعترض البعض الآخر على إمكانية إعادة النظر في وظائف السلطة ومهماتها، وإمكانية إعادة بناء مؤسسات المنظمة.
كما طرحوا العديد من الأسئلة، يتعلق بعضها بجدوى الانخراط في مشاكل المنطقة، لا سيما نحن ما زلنا واقعين تحت الاحتلال، وبحاجة إلى تضامن الجميع مع القضية الفلسطينية.