أحيت مؤسسة ياسر عرفات الذكرى السنوية الرابعة عشرة على استشهاد القائد المؤسس ياسر عرفات، في قصر رام الله الثقافي، مساء اليوم السبت10/11/2018، ومنحت جائزة ياسر عرفات للإنجاز 2018 لجامعة بيرزيت.
جاء ذلك، بحضور أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم ممثل الرئيس محمود عباس، وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واللجنة المركزية لحركة فتح، ووزراء، وسفراء دول عربية وأجنبية.
وقال د.ناصر القدوة رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات، نلتقي في هذه المناسبة الوطنية، لنؤكد "وفاءنا لياسر عرفات، وإلتزامنا بما خطه لنا، ولنشحذ الهمم استلهاماً من تجربته لمواجهة الصعوبات الكبرى التي تحيق بنا".
وأضاف إن التطرف الإسرائيلي والإنزياح نحو الأصولية وحتى الفاشية والإمعان في الإستعمار الإستيطاني وحتى إنكار الحقوق الوطنية الفلسطينية، والإنقلاب الأمريكي على القانون الدولي والمواقف الدولية، والضعف العربي وبوادر الإستجابة للإبتزاز الخارجي، وضعف تحالفاتنا الخارجية وتراجع الخريطة الدولية التقليدية، يكاد يوصلنا إلى حافة الهاوية.
وأشار إلى أن مصاعب جمة تحيط بنا، من استمرار الانقسام السياسي والجغرافي، وضعف منظمة التحرير الفلسطينية وباقي المؤسسات، والتدهور الاقتصادي والمعيشي وتفكك النسيج الاجتماعي، الأمر يحتاج ليقظة ولنهضة على كل المستويات وفي كل المواقع.
وأكد على أن "نبدأ بالتمسك الحاسم بهويتنا وهدفنا الوطني المركزي، فنحن أهل البلاد الأصليين، نحن شعب دولة فلسطين التي أعلنا استقلالها واعترف بها العالم، ونحن مع كل ذلك من ارتضى التسوية السياسية وسعى للسلم والسلام، معنى هذا أن دولة فلسطين قائمة، لا يمنحنا إياها أحد".
وأضاف أن "هدفنا الوطني المركزي، هو إنجاز الاستقلال الوطني لدولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس، وإنجاز حقوق لاجئي فلسطين في العودة والتعويض. ثم نبدأ بمواجهة جادة للخطر المركزي الذي يحيق بنا، مواجهة الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي لبلدنا فلسطين، هذا الاستعمار الذي يهدف إلى الاستيلاء على الأرض وتدمير الوجود الوطني الفلسطيني، لذلك علينا تعبئة طاقاتنا كافة في مواجهة هذا الخطر الذي يمثل جريمة حرب مركبة ترتكبها إسرائيل، قوة الاحتلال".
وأشار لما يقوم به بعض الأخوة العرب في الخليج تطبيعاً مع إسرائيل وتجاهلاً لمبادرة السلام العربية، لنعبر عن محبتنا عن رفضنا الصريح والقاطع لما يقومون به وطلبنا منهم العودة عنه.
وإشارة ثانية للكارثة الوطنية المتمثلة في تسريب عقارات عربية في القدس الشريف، بما في ذلك البلدة القديمة، لنعبر عن إدانتنا التامة للأيدي الخائنة، للأيدي التي باعت والأيدي التي تآمرت. ونطالب بمعاقبة هذه الأيدي وإنهاء هذه الكارثة مرة وإلى الأبد.
ونقل أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم، في كلمته، ممثلا عن رئيس دولة فلسطين محمود عباس، إلى الحضور ولروح الشهيد الخالد ياسر عرفات، تحيات الرئيس محمود عباس، "المعطرةِ بطيب المحبة والوفاء، وصدقِ الوعد والعهد، كما كان الشهيد الخالد يرددها دائما أن نظل معا وسويا نحو فلسطين نحو القدس عاصمتنا الأبدية بكنائسها ومساجدها أمناء على دماء الشهداء وأبنائهم وعائلات المعتقلين حتى انتزاع كامل حريتها واستقلالها".
وأضاف عبد الرحيم: "تحيات الأخ الرئيس أبو مازن هي تحيات العهد والوعد، عهدِ ياسر عرفات ووعده، الذي لن نكف أبداً عن ترديده، والعملِ به ومن أجله، فهذه هي طريقنا، وهذا هو منهجنا ونهجنا، وخلاصةُ خطابنا الواقعي بسيرته النضالية، وإيمانه الراسخ بأن هذا الجبل الفلسطيني لن يكون بوسع أية رياح أن تهزه، وهي التي تشتد اليوم من حوله غيظا وحنقا عنصريا بغيضا، بعد أن أشهر الرئيس أبو مازن بوجه الإدارة الأميركية رفض الإرادة الفلسطينية الحرة، لمشروعها الذي وصفوه بأنه صفقةُ العصر وهو ليس إلا إبنُ ذلك الوعد البغيض، وعدِ بلفور الذي وإن كان قد مر، فإن وعد ترمب لن يمر أبداً".
وقال: "أربعة عشر عاماً مرت على رحيل الزعيم الخالد، وأراها ولا أشك أنكم ترونها مثلي صفحاتٍ من نور في كتاب فلسطين الذي ما زال أبو عمار حتى الآن يخط فيه فصولاً من المواجهاتِ والتحديات والبطولات بقوةِ حضوره في الذاكرة الوطنية، كأمثولةٍ ورمزٍ ومسيرة، ما زالت تصعد نحو أهدافها العادلة بثبات على المبادئ وصمود في خنادق المواجهة".
وأردف: "أدركت ضرورةَ الصبر من صبره، وحكمةَ العض على الجراح، من تعاليه على الصغائر ورفَضه للوصاية وتمسكه بالقرار المُستقل والثوابت الوطنية ومنظمة التحرير ممثلا شرعيا وحيدا، وتعلمت مثلَ الكثيرين فن السياسة من سياسته، وحتى فنَّ الحياة البسيطة من حياته التي لا تكف عن التدفق حتى اللحظة في قلبي وقلوب رفاقه والأجيال المتلاحقة من بعدنا".
وقال عبد الرحيم: "عشت فلسطين بنبض العروق بالوراثة، لكنه أحسن تعليمي بل وتربيتي، مثل كل رفاق السلاح والمسيرة، نعم هو الأب في حنوه وصبرِه وحبه من أعماق القلب في تعليمنا فنَّ الثورة وفنَّ السياسة، لكنه الذي لم "يترك الحصان وحيداً" دونما فرسان، فما زال العنان مشرعاً في دروب النضال والمقاومة، وذلك لأنه ببساطة (بات في كل واحد منا) مثلما قال محمود درويش، وليس هذا فحسب بل لأنه التاريخُ الذي ما زال حياً يمضي بخطاه ذاتها نحو حتميته ولأن صحبه وإخوته من أصحاب التأسيس والتكوين أصحاب الشعلة الأولى كانوا وما زالوا على العهد باقون وللوعد حافظون وعلى رأسهم اليوم الأخ الرئيس أبو مازن".
وتابع عبد الرحيم: "صدقوني كلما تردد اسم ياسر عرفات بيننا تفتّح ورد الكلام، وأشرقت شمس العبارة، وابتسمت شفاه أبناء الشهداء الذين احتضنهم في قلبه ذات يوم وما أكثرهم، ليجددوا الأمل فينا، لقد راهن من قتلوك على اقتلاعك من الذاكرة لكنك تجذرت فينا أكثر، وصارت الحروف أجنحةً نحلق بها فوق تضاريس معانيه كلها، ولطالما حلقنا بهذه الأجنحة، حتى رأينا رؤية العين، حنكَته وحكمتَه وبصيرته وهو يمشي مَلَكاً بين حقول التناقضات الأخطر من حقول الألغام/ هو لا يعرف غير أن يصعد والكل الوطني معه/ لم يختلف عليه/ لأنه المُجرِّب والمجرَّب والضمانة/ يصعد لأنه ما من خيار أمامنا غير الصعود إلى ذرى المجد والحرية فإما الصعود وإما الصعود، وهذه الثورة وجدت لتبقى ولتنتصر".
وبعد، لا نص بوسعه أن يوازي ياسر عرفات ولا وَصْفَ بقادرٍ تماما على وصفه، لكنها الحقيقة: ياسر عرفات أربعة عشر عاما "وأنت الحضور الدائم واللحظة والدَفَق/ وقلمك ما زال كحسام حمزة بن عبد المطلب وخالد بن الوليد وأبو عبيدة الجراح ما انفك يروي ويبرق والراجفون وحدهم قد تفرقوا وتشتت جمعهم".
من جهته، قال رئيس لجنة الجائزة علي مهنا، إن لجنة الجائزة تلقت عشرات الترشيحات، التي درستها بعناية وفق نظام الجائزة، وتمنت حظاً جيداً للذين تقدموا ولم يحالفهم الحظ بالفوز.
وبين أن اللجنة قررت منح الجائزة لجامعة بيرزيت تقديرا وعرفانا لدورها البارز في خدمة دولة فلسطين علمياً وأكاديمياً.
وتقدم د.حنا ناصر رئيس مجلس أمناء جامعة بيرزيت بالشكر للجنة الجائزة ومؤسسة ياسر عرفات ومجلس أمنائها وإدارتها، تقديراً بما تقوم به من دور بارز على مستوى الوطن.
وتخلل الحفل فقرات فنية وطنية ملتزمة، تضمنت قصيدة الشاعر الراحل أحمد دحبور (ياصاحب البيت) ألحان سعيد مراد، وقدمها الفنان منذر الراعي، كما أدت وفرقة بنات مدرسة رهبات الوردية من القدس فقرة فنية تراثية.