أحيت مؤسسة ياسر عرفات، الذكرى السنوية التاسعة لرحيل الرئيس الشهيد ياسر عرفات في حفل ثقافي، نظمته مساء الأحد 10/11/2013 في قصر رام الله الثقافي.
وافتتحت الفعاليات بالنشيط الوطني الفلسطيني الذي قدمته الفرقة القومية للفنون الشعبية والموسيقى العسكرية، تلاه آيات من الذكر الحكيم، بحضور أعضاء من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح، وعدد من الوزراء وممثلي المؤسسات الشعبية والرسمية.
وبدأت فعاليات إحياء الذكرى التاسعة بكلمة مسجلة لرئيس دولة فلسطين محمود عباس، أكد خلالها أن الوصول إلى الحقيقة في ملابسات رحيل القائد أبو عمار هو هدفنا، وبذات الثبات والقوة والتصميم، وقال: "في هذه المناسبة، أجدد التزامنا بواجبنا الوطني ومسؤوليتنا كقيادة لهذا الشعب العظيم بالاستمرار في البحث عن الحقيقة كاملة، مهما كانت التعقيدات والعقبات'.
وأضاف الرئيس أن "هذا التزام وحق لا يسقط بالتقادم، وأنا على ثقة كاملة أن لجنة التحقيق والتي لها كل الدعم والمساندة منا، ستصل إلى الحقيقة التي سنعلنها عندئذ لشعبنا كامل".
وأكد الرئيس مواصلة العمل بتفان للحفاظ على مقدساتنا المسيحية والإسلامية وحماية أهلنا في القدس وتعزيز صمودهم فيها، ودرء ما يعانيه أقصانا من مخاطر جدية.
كما أكد لأهلنا في الشتات استمرار العمل من أجل تجسيد حقهم وحل قضيتهم وفق القرار194، ومبادرة السلام العربية، مشددا على أن من المواطن الفلسطيني حيثما وجد، هو إحدى أولوياتنا التي نعمل بإخلاص على صونها، وأننا نبذل كل ما نستطيع لحمايتهم، وتخفيف معاناتهم.
وأضاف، أننا مستمرون في الدفاع عن حقوقنا المشروعة، وفق القانون الدولي، ومتمسكون بثوابتنا الوطنية، وبكل ذرة تراب من أرضنا، وعلى الأخص في قدسنا الشريف، عاصمتنا الأبدية.
وطالب الرئيس الحكومة الإسرائيلية بتحمل مسؤولياتها تجاه صنع السلام، والكف عن وضع العراقيل والمعوقات التي من شأنها أن تقوض الجهود المبذولة، وعلى رأسها الاستيطان وممارسات المستوطنين العدائية ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم والاعتداءات على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية.
وفي ختام كلمته، جدد الرئيس العهد والقسم بمواصلة المسيرة حتى النصر، والوفاء لأحلام الرمز أبو عمار وأحلام كل شهدائنا وعذابات أسرانا، ودموع الآباء والأمهات الفلسطينيين، الذين قدموا فلذات أكبادهم، من أجل فلسطين الحرة السيدة المستقلة، التي سترى النور عما قريب، إن شاء الله.
وقال د.ناصر القدوة رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات:"نلتقي اليوم في وقت يشغلنا فيه ياسر عرفات أكثر مما شغلنا في حياته، بسبب عودة حقيقة اغتياله بالسم مرة أخرى إلى الواجهة، وكأنه في ذكرى وفاته يصر على كشف الحقيقة لشعبه ولكافة شعوب العالم، ولقد قلنا مرارا أننا مع الشعب الفلسطيني مقتنعون أن وفاة أبو عمار لم تكن طبيعية بل اغتيالا على الأرجح بالسم، وأن إسرائيل هي المسؤول الأول عن هذا الاغتيال'.
وأضاف" أن الفحوصات التي أجريت كشفت نوع المادة المستخدمة وهي البولونيوم 210، وفتح قبر ياسر عرفات الذي كنت شخصيا ضده على أساس أننا لسنا بحاجة لمزيد من الدلائل وعلى أساس تقاليدنا الدينية والاجتماعية، ولكن رأي الأخوة غير ذلك واتخذ القرار بالمضي بتنفيذ الخطوة وبفتح القبر، وقبل أيام قليلة قدم المعهد السويسري تقريره الذي يقول فيه أن 'النتائج تدعم بشكل معقول أن الرئيس عرفات مات مسموما بمادة البولونيوم '210، إذا انتهى النقاش وثبت مرة أخرى للعالم أجمع أن هذه حقيقة واضحة، يترتب طبها حقيقة أخرى أنه يجب محاسبة الجناة'.
وأشاد القدوة بالمهنية العالية وبشجاعة الأطراف السويسرية وكذلك بمهنية ومثابرة لجنة التحقيق الفلسطينية، مطالبا بالكشف عن القاتل مع عدم التقليل من المسألة الأساسية وهي المسؤولية السياسية والجنائية لإسرائيل عن الاغتيال.
وقال "علينا وطنيا أن نستخلص المعاني والعبر من الجريمة الإسرائيلية وعلينا الإصرار على تحقيق العدالة وإيقاع العقاب بالجناة، وعلينا الذهاب للمجتمع الدولي للحصول على إدانة واضحة لاغتيال عرفات وتطبيق المساءلة الدولية على الجناة، ويجب أن يكون للجمعية العامة للأمم المتحدة دورا في خلق حالة تكفل التعامل الجاد مع هذه القضية، وهي قضية اغتيال عرفات".
وفي سياق متصل، قال إن مشروع متحف ياسر عرفات يمثل مشروعا وطنيا يحافظ على تراث الشهيد، وفي سياق بناء المتحف قامت المؤسسة بترميم وإصلاح الضريح الذي اكتسب مزيدا من الجمالية والهيئة، أما المتحف فقد شارفت الأعمال الخارجية على الانتهاء، ولكننا لم نستطع الانتهاء من هذه الأعمال قبل حلول الذكرى التاسعة بسبب توقف تسديد فواتير الإنشاءات، ومؤخرا عاد تسديد هذه الفواتير، ونحن مستمرون في العمل داخل المتحف وهدفنا هو انتهاء الإنشاءات خلال 4 أشهر وافتتاح المتحف في الذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس الراحل.
وأضاف أن الشعار الذي اختير لهذه الذكرى ووضع على الملصق السنوي والذي هو مقتبس من أقوال أبو عمار كان: "فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي"، وكأننا نستشعر أن الغصن الأخضر مهدد بالسقوط بكل ما قامت به إسرائيل من جرائم وما تزال'.
من جانبه، قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله، إن شعبنا لا يزال يستلهم العبر والدروس من تجربة ياسر عرفات الطويلة، وقال: 'نستلهم كل يوم من ياسر عرفات سعينا للخلاص من الاحتلال، ونفتقده بيننا وهو الذي جسد الهوية الوطنية ونهض بها من معاناة النكبة وويلات التشرد واللجوء، موحدا أبناء شعبه تحت راية منظمة التحرير، وقاد الثورة التي حولت الحلم إلى واقع وأصبح البناء المؤسسي مرافقا لمشروع التحرر الوطني ببناء السلطة الوطنية التي جاءت تتويجا لنضالات أبناء شعبنا ودماء شهدائه وحرية أسراره.
وأضاف أن استمرار التفاف شعبنا حول منظمة التحرير ومشروعها التحرري جاء من إيمانه بأهمية التحرير وإقامة الدولة وهو ما دافع عنه أبو عمار حتى آخر لحظات حياته.
وأوضح أن أحياء الذكرى يتزامن مع مخاطر كبيرة تحدق بمشروعنا الوطني، فإسرائيل تحصر جهودنا لتطوير عمل مؤسستنا والنهوض بأبناء شعبنا، خصوصا بالقدس والمناطق المسماة 'ج'، ولا تزال الحكومة الإسرائيلية تحاول خلق وقائع على الأرض بشكل يعكس الاستهتار بالقانون الدولي وتصعد من وتيرة الاستيطان وتتوغل بجدرانها وحواجزها في الضفة.
وأوضح أن الذكرى التاسعة تحتم علينا الحفاظ على الانجازات التي جسدها الراحل الشهيد والمحافظة على الوحدة الوطنية التي حافظ عليها الراحل، وصولا لحلم أبو عمار وحلم أبناء شعبنا بالعودة والاستقلال والخلاص من الاحتلال.
وأضاف أن إنجاز المصالحة هو المدخل الأساسي لمواجهة التحديات التي تواجه شعبنا وتعزز صموده على أرضه، وستواصل مؤسسات دولة فلسطين العمل على تجسيد صمود شعبنا والحفاظ على ما سعى لتحقيقه أبو عمار.
وأضاف أن مؤسسة ياسر عرفات تعمل على حفظ تاريخ القائد الراحل، وأقرت جائزة ياسر عرفات للإنجاز على كافة المؤسسات، إن وجود هذه المؤسسة الرائدة هي خطوة أساسية للوفاء لأرث أبو عمار، وشعبنا يجسد صلابة أبو عمار بتحدي الاحتلال والاستيطان.
وأكد أن القيادة الفلسطينية وعلى رأسها سيادة الرئيس عباس تتابع باهتمام عمل لجنة التحقيق باستشهاد القائد ياسر عرفات ستواصل العمل مع كافة الأطراف لكشف الحقيقة ولن يهدأ لها بال حتى وضع الحقيقة أمام شعبنا والعالم أجمع وضمان محاسبة الجناة.
وأعلنت خلال حفل إحياء الذكرى نتائج جائزة ياسر عرفات للانجاز للعام 2013، والتي تقدم بالذكرى السنوية لرحيله، لتشجيع الإبداع والأعمال الجادة في مجالات العمل المختلفة.
وقال رئيس مجلس الجائزة وزير العدل علي مهنا، إنه على مدى نصف قرن قاد ياسر عرفات مسيرة النضال الفلسطيني ولم يكن مجرد قائد، فقد كان مهندسا للإبداع الفلسطيني وملهما للتميز، فلم يكن نضالنا مجرد بندقية بل لوحة اجتمعت فيها البندقية مع الحجر وقافية الشاعر مع فرجار المهندس، لقد كان على مدى خمسين عاما ملهما للإبداع.
وأضاف أن ياسر عرفات شكل حالة من الإبداع والتميز، فعلى هدي ياسر عرفات وتنفيذا لإبداعه دأبت مؤسسة ياسر عرفات على منح جائزة ياسر عرفات لانجاز، وقدمت الكثير من الترشيحات خلال هذا العام وعملت لجنة الجائزة لساعات طويلة وبذلك جهودا مضنية للمفاضلة بين الترشيحات.
وقال إن الفائز بالجائزة لهذا العام فهو الشاعر والأديب الفلسطيني الكبير سميح القاسم بصفته شاعرا للغضب الثوري، فقد صدر له أكثر من 70 كتابا بالشعر والنثر وترجمت أعماله إلى عدد كبير من اللغات العالمية، وغنى شعره أهم أصوات الثورة في فلسطين والعالم العربي.
وسلم رئيس الوزراء ورئيس مؤسسة ياسر عرفات الجائزة للشاب وطن سميح القاسم نيابة عن والده.
وقال وطن القاسم، إن والده كان يتمنى إحياء ذكرى ياسر عرفات لكن الأطباء أصروا على بقائه في مستشفى صفد بعد ارتفاع درجة حرارته بشكل كبير.
وأضاف ' نحن الفلسطينيون قد تفرقنا السياسية ولكن الذي يجمعنا هو الشهيد القائد الرمز ياسر عرفات، بوركت مؤسسة ياسر عرفت بورك القائمون عليها وسائر العاملين، لكم محبة والدي ومحبتي".
وعرض خلال انطلاق فعاليات إحياء الذكرى أفلام قصيرة الأول: كان بعنوان "متحف ياسر عرفات" وهو فلم قصير يتحدث عن الاستعدادات لافتتاح متحف ياسر عرفات في الذكرى العاشرة لاستشهاده العام المقبل، وثم عرض فلم "الكوفية"، الذي يتطرق لرمزية الكوفية الفلسطينية وأهميتها، وعرضت فرقة سرية رام الله الأولى للرقص الشعبية لوحة بعنوان: "عرزال"، ثم قدمت الفرقة القوية للفنون الشعبية والموسيقى العسكرية فقرة غنائية، وسبق انطلاق فعاليات الذكرى افتتاح معرض "الرمز"، وهو عبارة عن رسومات للقائد الرمز أبو عمار.