حديث صحافي لياسر عرفات حول الحوادث الأخيرة في الأردن[1971/7/31]

2015-12-07

س- أليس من المحتمل أن يكون أبو علي إياد قد سقط بين أيديهم؟

ج- أظن انك لا تعرف أبو علي إياد جيدا إن قتاله في الأحراش أصبح أسطورة يرددها الآن المقاتلون لقد رصدت حكومة عمان آلاف الدنانير لمن يعتقله أو يأتي برأسه إنني اعرف أبو علي جيدا انه لن يقع أبدا في أيديهم وإذا كان قد مات فقد نال الشهادة التي نتمناها جميعا ولكن يا للخسارة انه لم يمت فوق تراب فلسطين ولم يستشهد برصاص العدو ولكنه مات فوق ارض الأردن ومات برصاص العملاء العرب .

س- ولكن كيف حدثت كل هذه المجازر وانتم كنتم تتوقعون حدوثها كيف أمكن للجيش الأردني أن يخترق مواقعكم الحصينة؟

ج- لن أقص عليك التفاصيل الكاملة فالعالم العربي يعرفها تماما لقد كنت معي قبل شهر واحد في كل هذه المواقع زرتنا في الأحراش في جرش ودبين وعجلون حقيقة إنها مناطق جيدة تماما للعمل الفدائي ولكن كنا في الأحراش وكل قوتنا لا تتجاوز 3500 مقاتل خطوط الإمدادات ومصادر المياه موجودة ولكن ماذا حدث؟

لقد حشدوا لنا أكثر من 30 ألف جندي أردني بطائراتهم ومدفعيتهم الثقيلة احكموا الحصار على الرجال بعد أن قطعت عنهم مصادر المياه كانت كربلاء القرن العشرين بعض الفدائيين مات من العطش بعضهم مات بتأثير جراحه والآخرون فضلوا الموت على أن يقعوا في أيدي الجلادين.

لقد ضربت القواعد الفدائية بالقنابل الفسفورية والنابالم الحرائق الكثيرة والدخان الذي غطى وشمل المنطقة كلها كاد أن يخنق الفدائيين خرجوا من قواعدهم فحصدتهم المدفعية الثقيلة.

س- ما هو المخطط الذي وضعته السلطات الأردنية لمواجهة الرجال المتمركزين في الأحراش؟

ج- أقول أن جنرالا في الجيش الباكستاني قد خطط واشرف على كل عمليات الإبادة.

شيء آخر لا اعرفه وهو من أين أتى الأردن بكل هذه الطائرات الهليكوبتر الكبيرة التي استعملوها في القتال؟

كانت طائراتهم تهبط خلف المواقع وتنزل الجنود سلاح طيرانهم الذي لم يخرج بطلقة واحدة منذ حزيران يونيو 1967 كان يقصف المنطقة قصفا مركزا وشديدا وهو مطمئن تماما لا توجد لدينا مدافع للطائرات فكانت طائراتهم تسرح في جو المنطقة كما تريد.

شيء آخر يدعو للتساؤل : فالطيران الأردني بحكم أن قواعدنا تكاد أن تلامس المواقع الإسرائيلية كان في طلعاته لا بد أن يخترق المجال الجوي الإسرائيلي ولم نر قذيفة إسرائيلية واحدة تتصدى للطيران العربي الأردني الذي يفترض فيه انه طيران معاد لإسرائيل.

أكثر من ذلك مع بداية عمليات التصفية التقط رجالنا في مواقعهم إشارات وأحاديث من جنود إسرائيل موجهة لرجالنا قالوا ها قد أتى الطيران الأردني لضربكم فماذا تفعلون الآن أيها المخربون ؟ سنترككم لهم يقصفونكم تماما.

اخطر من ذلك كله :

إن إسرائيل قد صورت تماما من الضفة الأخرى المحتلة المواجهة لساحة العمليات كل معارك الجيش الأردني ضد المقاومة وأذاعوها على شاشات التليفزيون الإسرائيلي.

بل أن إسرائيل حشدت رجال الصحافة والإعلام على الضفة الأخرى من النهر وكانوا في استقبال المجموعات الفدائية التي نفذت ذخيرتها ولم تجد مفرا سوى أن تخرج من الكماشة الأردنية وتعبر النهر حيث مناطق الاحتلال.

ماذا أقول

بالتأكيد انه مخطط شامل وواسع أهدافه اكبر بكثير من إنهاء العمل الفدائي من الأردن.

إنني أقولها إن الملك حسين يسعى إلى حل منفرد مع إسرائيل ثمن هذا الحل جسد المقاومة.

س- وهل انتهى العمل الفدائي في الأردن الآن؟

ج- قد يتصور الملك حسين انه بنهاية الوجود العسكري الفلسطيني في الأردن أن المقاومة انتهت تماما وإنني أقول له انك مخطئ في حساباتك الثورة الفلسطينية والوجود الفدائي في الأردن لن ينتهي إلا بزوال الشعب الفلسطيني تماما من الأردن وهذا ما لن يقدر عليه الملك حسين والاميركان من خلفه ثم انه لا زال يوجد لدينا رجال يقاتلون حتى الآن في الأغوار.

س- وما هو العمل بعد كل ما حدث؟

ج- أشياء كثيرة لا زالت في جعبتنا قد لا استطيع التحدث عنها الآن ولكن أعمالنا القادمة ستكون بداية لتنفيذ المخطط.

س- هل هي سياسة الأرض المحروقة هل تلجأون إلى العمل السري من تحت الأرض؟

ج- أطمئنك لا بد من حل ولا بد هنا من حل فلسطيني ما هو لا استطيع الإجابة عليه الآن .

س- وما هو الموقف من المبعوثين الفلسطينيين الذين طاروا إلى الدول العربية هل هناك أمل في عمل عربي جماعي أو حتى شبه جماعي؟

ج- قناعتي إنني لا أعول كثيرا على العمل العربي الجماعي ولكن الدول العربية كلها مطالبة باتخاذ مواقف حاسمة ومادية في مواجهة تصفية الشعب الفلسطيني .

إن النظام الأردني أصبح يمثل الآن عقبة رئيسية في طريق التحرير وبما أن هذا النظام قد قطع بنفسه كل علاقاته العربية بعد إلغائه لاتفاقيتي القاهرة وعمان فإننا نطالب الدول العربية أن تقطع كل علاقاتها السياسية والاقتصادية بالنظام الأردني والإقرار بوثيقة رسمية بأن شعب فلسطين لا تمثله إلا الثورة الفلسطينية بقياداتها المتمثلة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومجلسها الوطني الفلسطيني .

س- هل هناك احتمال لتوقيع اتفاقية جديدة؟

ج- لن اقبل بعد الآن التوقيع على أية اتفاقات جديدة لقد وقع الملك حسين مع الملوك والرؤساء العرب اتفاقية القاهرة وهي تعترف صراحة بحق الشعب الفلسطيني ممثلا في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لحرية العمل الفدائي والآن جاءت حكومة وصفي التل ومزقت الاتفاقية ومارست أبشع أنواع الغدر في تصفية المقاومة والمطلوب الآن تحرك عربي يضمن تنفيذ الاتفاقية ويوقع العقوبات على حكام عمان الذين لم يحترموا إرادة الأمة العربية وتوقيعات رؤسائها وملوكها.

لقد عرض وصفي التل توقيع اتفاق جديد معنا ورفضنا مجرد الحديث حول هذا العرض الذي يلغي تماما اتفاقية القاهرة.

س- وما هو الموقف الآن بعد عودة الملك حسين وإعلانه انه ملتزم باتفاقية القاهرة؟

ج- هذه النغمة سمعناها كثيرا يخطط النظام الأردني لعمل ضد المقاومة ويسقط الضحايا ثم يوقع اتفاق ما أكثر ما وقعنا من اتفاقات لم تحترم كان آخرها اتفاق القاهرة.

س- وما هي اقتراحاتكم المحددة لمواجهة الموقف الجديد؟

ج- اتفاقية القاهرة مقبولة من حيث المبدأ ولا بد من وجود رقابة فعالة لضمان عدم اصطدام السلطة بالمقاومة.

هذه الرقابة تتمثل في إدخال قوات عسكرية عربية وليس مراقبين للإشراف على الوضع وتشكيل لجان سياسية على مستويات عالية للبت في الخلافات فورا.

ووجود ضمان عربي لالتزام الأردن بالنسبة لاتفاقيتي القاهرة وعمان وضمان منع اعتداء الجيش على المقاومة وهذا يتطلب إعلان الدول العربية بأنها ستتدخل فورا وبصورة فعالة في حالة إخلال الأردن بالاتفاقية على أن يعلن ذلك من الأردن.

س- الأردن على لسان الملك حسين أعلن أخيرا انه لا يقبل إلا التعامل مع فتح فقط وطالب المقاومة بتصفية الجبهات الشيوعية كما يسميها ويعني بذلك الجبهة الشعبية والجبهة الشعبية الديمقراطية ما هو موقفكم من ذلك؟

ج- نحن لا نقبل هذا المنطق إنهم الآن يريدون شق الوحدة الوطنية الفلسطينية قالوا وادعوا مثل هذه الأقوال في تبريرهم لمجازر أيلول سبتمبر ولكن الآن الموقف تغير تماما.

الجميع دخلوا الآن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والجميع ملتزمون بقرارات اللجنة التنفيذية ونحن أعلنا الوحدة الوطنية بعد المجلس الوطني الأخير وهم الآن يريدون تفتيت الوحدة الوطنية.

إنني أعلنها للملك إنني لن احمل السلاح الآن لتصفية الجبهة الشعبية أو الديمقراطية سأحمل السلاح فقط للحفاظ على سلامة الثورة وأمنها سأحمل السلاح فقد ضد من يريدون إفناء شعبنا إنها لعبة مكشوفة ولن نقع فيها بعد الآن.

س- ما هي خسائر المقاومة في العمليات الأخيرة؟

ج- كثيرة تقدر بنحو 3000 بين شهيد أو معتقل ولكن زاد الشعب الفلسطيني لن ينفذ.

 

دمشق
(الأهرام، القاهرة، 31/7/1971)