مؤسسة ياسر عرفات تُطلق نظاماً محوسباً حول وثائق مُلكية أراضي لاجئي فلسطين (2020/2/24)

2020-02-27

أطلقت مؤسسة ياسر عرفات نظاماً محوسباً حول وثائق مُلكية أراضي لاجئي فلسطين (سجل لجنة التوفيق للأمم المتحدة) خلال ندوة أقامتها المؤسسة اليوم الإثنين 2020/2/24، في قاعة المنتدى بمتحف ياسر عرفات، بحضور عدد أعضاء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وأعضاء من اللجنةالمركزية لحركة فتح، وعدد من الدبلوماسيين وشخصيات وطنية وباحثين وحشد من المهتمين.


وأكد د. ناصر القدوة رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ضرورة أن يكون هذا الموضوع الهام جدًا حاضرا أمام المسؤولين الفلسطينيين، داعيًا إلى ضرورة المتابعة الرسمية والمؤسساتية والشعبية، موضحًا أن لا أحد في العالم بما في ذلك غلاة المتطرفين يستطيع إنكار حقوق الملكية الفردية التي يُساهم النظام المحوسب الجديد في إلقاء الضوء عليها، وفي تزويد كل من يرغب بأدلة إضافية على هذه الملكية بوثائق الأمم المتحدة.


وأشار القدوة إلى أنه اعتبارا من يوم غد الثلاثاء 2020/2/25 سيتوفر هذا السجل الهام والمحدث أمام القيادة الفلسطينية والحركة الوطنية الفلسطينية والجمهور الفلسطيني، في قاعة المصادر بمتحف ياسر عرفات، والذي يجب استخدامه في مجال النضال من أجل استعادة حقوق لاجئي فلسطين، بما في ذلك أراضي هؤلاء التي تسيطر عليها إسرائيل بشكل غير شرعي.


وستعمل المؤسسة على توفير المجال لكل المهتمين بتصفح السجل والحصول على نسخ من الوثائق المرتبطة بالحالة المعنية أو بالأرض المحددة.
وبين منصور طهبوب نائب مدير عام مؤسسة ياسر عرفات المكلف بمتابعة مشروع النظام المحوسب بأن الهدف البسيط الواضح الذي طُلبَ منا في بداية المشروع هو الوصول إلى توفير عملية بحث سهل ومباشر باستخدام الأسماء، أساسا، ليتمكن أي مواطن من الوصول إلى  المعلومات ونسخ الوثائق الخاصة بملكية أرضه أوما ورثه من أرض آبائه وأجداده.


وذكر طهبوب أنه بدأ العمل على المشروع  في مؤسسة ياسر عرفات مع مطلع العام 2018 حين تسلم الطاقم من د.ناصر القدوة مجموعة من الأشرطة القديمة التي تحتوي ملفات لمواد من نتائج عمل لجنة التوفيق التابعة للأمم المتحدة. وبدأت عملية استرجاع المادة لتحويلها إلى ملفات مقروءة، وتم استيراد أجهزة خاصة نظرا لقدم الأشرطة. بعد ذلك تم الحصول على أقراص مدمجة من انتاج شركة ترانسكاد المصرية التي نفذت مشروعا بقيمة مليون دولار قبل نحو 20 سنة. وتم فحص المواد المتوفرة لدراستها" لأننا كنا في بداية مشروعنا الحالي  نتعامل مع طلاسم." احتاج الامر أن يتم عمل دراسة تفصيلية لما أصبح متاحا بين أيدينا، وكذلك لمحاولة معرفة تفاصيل طريقة عمل لجنة التوفيق.


وأضاف طهبوب أن النظام المُحوسب الذي أصبح متاحا اليوم يشتمل على نحو مليوني وثيقة، ويُتيح الوصول إلى معلومات مُهمة وأساسية تتعلق بوثائق مُلكية الأراضي التي تركها اللاجئون الفلسطينيون فيما أصبح "إسرائيل" بعد النكبة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في العام 1948.


وقدم طهبوب عرضا على الشاشة عن المعلومات والوثائق التي تتعلق بنحو 5.5 ملايين دونم من الأراضي الفلسطينية العربية الخاصة، والتي تُسيطر عليها حالياً إسرائيل بشكل غير شرعي. وأشار إلى النظام المحوسب الجديد يشتمل على وثائق لأكثر من 540 ألف قطعةأرض، ويوفر نسخا مصورة لنحو 210 آلاف  بطاقة فهرس خاصة بأسماء المُلاك.


وأشار طهبوب أن مؤسسة منيب وآنجيلا المصري للتنمية شاركت في دعم المشروع، وقدم الشكر إلى العمل الدؤوب من الزملاء في مؤسسة ياسر عرفات الذين شاركوا بجهود كبيرة    في العمل على إنجاز هذا المشروع الذي نفذته شركة Unique
Business Solutions ممثلة بمديرها السيد مريد عباس البرغوثي والسيد محمد العالم والسيدة هبة الحسن، بتعاون كامل وصبور ومثمر، حيث تعامل الجميع مع الموضوع بأهميته الوطنية وليس فقط كمشروع عمل عادي.كما شكر السيد مروان جيلاني الذي قدم استشارات تطوعية حيث كان عند تنفيذ المشروع  بواسطة شركة "ترانسكاد" قبل نحو عشرين عاما نائبا لرئيس بعثة فلسطين في الأمم المتحدة. 


وأوضح كمال حبش الموظف بمؤسسة ياسر عرفات ومنسق مشروع  النظام المحوسب، كيفية عمل النظام من خلال عرض على الشاشة  شرح من خلاله على مثال لملكية لاجئ، في كيفية الحصول على المعلومات اللازمة لتلك الملكية "طابو الأرض، ومساحتها، وموقعها
ورقمها".


وقال القدوة بأن المؤسسة ستقوم بعقد ندوات مشابهة لهذه الندوة في مخيم بلاطة يوم غد الثلاثاء 2020/2/25، وبعد غد الأربعاء 2020/2/26 في مخيم العروب.


يُذكر أن الندوة كانت مربوطة مع مكتب مؤسسة ياسر عرفات في غزة عبر تقنية "السكايب"، حيث شارك في حضور الندوة ومداولاتها عدد من الشخصيات والمهتمين في قطاع غزة.

 

ورقة د. ناصر القدوة حول وثائق مُلكية أراضي لاجئي فلسطين


في العام 1948 تبلورت النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني، والتي اشتملت على فقدان فلسطين كبلد ووطن وتدمير مجتمعهم واقتلاع أكثر من نصفهم وتحويلهم للاجئين، وإفراغ مدنهم وتدمير قراهم. قبيل وخلال حرب 1948، قامت المجموعات الإرهابية والتشكيلات العسكرية الإسرائيلية باقتلاع 750 ألف فلسطيني من أراضيهم وبيوتهم وممتلكاتهم، وتحول هؤلاء إلى لاجئين فيما تبقى من أرض فلسطين وفي الدول العربية المحيطة. 
ومع نهاية الحرب كان الجانب الإسرائيلي قد تمكن من احتلال نصف الأراضي التي خصصها قرار التقسيم رقم 181 II للدولة العربية إضافة لسيطرته على الأراضي التي خصصها القرار للدولة اليهودية. ولاحقاً منعت إسرائيل عودة هؤلاء اللاجئين إلى أراضيهم وبيوتهم وممتلكاتهم كما امتنعت عن دفع أية تعويضات لهم، بالرغم من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة المتكررة في هذا الشأن .
 وفي قرارها رقم 194 III في ديسمبر 1948 قامت الجمعية العامة بإنشاء "لجنة التوفيق"  مكونة من ثلاثة دول لتقوم بمهام وسيط الأمم المتحدة حول فلسطين بعد اغتيال الأخير وإنهاء أعمال مكتبه، وكلفت الجمعية العامة لجنة التوفيق بعدة مهام من بينها مساعدة الحكومات والأطراف المعنية في تحقيق تسوية نهائية للقضايا القائمة بينهم، وأيضاً وضع مقترحات تفصيلية للنظام الدولي الدائم لمنطقة القدس، وتسهيل عودة اللاجئين وإعادة توطينهم وتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية. وأكدت الجمعية العامة في الفقرة 11 من قرارها أن "اللاجئين الراغبين في العودة لبيوتهم والعيش بسلام مع جيرانهم يجب السماح لهم بذلك في أقرب وقت ممكن. ويجب دفع التعويضات عن الأملاك للذين يختارون عدم العودة وكذلك عن أية فقدان أو عطب للمتلكات...". وطلبت الجمعية العامة من اللجنة التقدم بتقارير دورية عن عملها. وفي نفس الاجتماع قامت الجمعية العامة باعتماد تشكيل لجنة التوفيق بناء على اقتراح من الدول الخمس دائمة العضوية بحيث تشكلت اللجنة من كل من فرنسا و تركيا والولايات المتحدة. وخلال السنوات التالية فشلت اللجنة في تنفيذ تفويضها بالتوصل لحل نهائي بين إسرائيل و الأطراف العربية ( جرى مع ذلك التوصل لاتفاقات الهدنة)، وبشكل خاص عودة لاجئي فلسطين.
وفي القرار 394 V في ديسمبر 1950 وجهت الجمعية العامة لجنة التوفيق بإنشاء "مكتب اللاجئين" لعمل الترتيبات التي تراها اللجنة ضرورية من أجل تقدير ودفع تعويضات وفقاً للفقرة 11 من القرار 194 III. ومنذ ذلك الوقت ركزت اللجنة عملها على موضوع اللاجئين وأنشأت مكتب التحديد والتقييم ( المكتب الفني) في العام 1952 والذي استمر في العمل حتى العام 1966. وتوصلت اللجنة فعلاً لبعض التقديرات حول قيمة أملاك اللاجئين، وهي تقديرات رفضتها الدول العربية حينها. 
و قامت اللجنة من خلال مكتب اللاجئين والمكتب الفني بمسح شامل لملكية أراضي لاجئي فلسطين وذلك بالاستعانة بالطابو البريطاني ثم بسجل الضرائب البريطاني والإحصاءات البريطانية. نتيجة هذا العمل الطويل تم تحديد 540 ألف قطعة أرض مملوكة للاجئي فلسطين وضعت اللجنة نوذج خاص لكل منها أسمته RP1 وتضمن معلومات عن المالك أو الملاك ونوع الأرض ومساحتها وخريطتها وتسجيلها في الطابو إن وجد والضرائب المفروضة عليها، وحتى وثيقة السجل العثماني وإن كان معظم هذه غير مقروءة، ثم قام المكتب بتحديد 210 ألف مالك خصص لكم منهم بطاقة إندكس لأملاكه/ لأملاكها في اللواء. هذا بالإضافة إلى حوالي ستة آلاف خريطة لقطع الأراضي والمناطق والقرى. وقامت اللجنة أيضاً بوضع نماذج أخرى لقطع الأراضي المملوكة لجهات مثل الأوقاف والكنائس وسلطة الانتداب وكذلك المملوكة لأفراد غير فلسطينيين. ومع انتهاء عمل اللجنة بخصوص ملكية لاجئي فلسطين في العام 1966، بقى هذا السجل الغني لدى الأمم المتحدة الذي تعاملت معه  باعتباره"سري" وتضمن صور عن السجل البريطاني والعثماني على ميكروفيلم بالإضافة للوثائق المشار لها أعلاه وعدد آخر من الوثائق المتعددة. لكن اللجنة قررت في العام 1973 أن تعطي الحق في نسخه من السجل للأطراف المهتمة، ونتيجة لذلك حصل على نسخة ميكروفيلم عن وثائق اللجنة كل من : مصر وإسرائيل والأردن وسوريا وجامعة الدول العربية ولاحقاً حصلت منظمة التحرير الفلسطينية على نسخة أيضاً حيث قامت المنظمة بوضع النسخة في أحد مكاتبها في دمشق ثم فقدت النسخة بعد ذلك. وفي تسعينات القرن الماضي اهتمت مؤسسة الدراسات الفلسطينية بهذا الكنز من المعلومات وروجت لضرورة المحافظة على السجل وتطويره تقنياً ثم استخدامه. وتلقفت بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة الفكرة ، وقامت بعد المشاورات مع بعض الدول الأعضاء بإدخال تعديل على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 129/51 في 13 ديسمبر 1996 حيث طلبت الجمعية العامة من الأمين العام للأمم المتحدة "اتخاذ الخطوات المناسبة، بالتشاور مع لجنة التوفيق حول فلسطين، لحماية الأملاك العربية ، والأرصدة وحقوق الملكية في إسرائيل وأن يقوم بحفظ وتحديث السجلات الموجودة". وفي وقت لاحق تولت لجنة فلسطين( اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف) المسؤولية مباشرة، وقامت اللجنة بالتعاقد مع شركة خاصة (ترانسكاد) بهدف رقمنة وتحديث وثائق لجنة التوفيق وعمل أرشيف الكتروني لسجل الأراضي، وخصصت اللجنة مبلغ مليون دولار من ميزانيتها لعمل ذلك. وقامت الشركة بتنفيذ ذلك فعلاً على مرحلتين وقامت بتسليم " المنتج " للجنة فلسطين ، والتي قامت بدورها تسليم نسخة من السجل المحدث لبعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة.
وقبل عدة سنوات حصلت مؤسسة الدراسات الفلسطينية وبتعليمات رئاسية على نسخة من السجل من بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة. وقامت المؤسسة بعمل هام في هذا المجال إلا أنه ما زال بعيداً عن الاكتمال، وهناك محاولة للتنسيق بين عمل المؤسستين في هذا المجال.
وفي عام 2019 وبعد مرور حوالي عشرين عام دون الاستفادة من السجل المذكور لاستعادة حقوق اللاجئين، قررت مؤسسة ياسر عرفات ضرورة مراجعة النسخة التي أحضرها رئيس مجلس إدارة المؤسسة من بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة والتأكد من صلاحيتها. وبعد أن تم ذلك قرر مجلس إدارة المؤسسة ضرورة تطوير السجل تقنياً على ضوء تطور التكنولوجيا خلال الفترة السابقة، بحيث يتوفر أولاً نسخة موثوقة من الوثائق المرقمنة وكذلك نسخة من قاعدة البيانات (الأرشيف الالكتروني) التي أنتجتها ترانسكاد والعمل على إقامة قاعدة بيانات جديدة يمكن وضعها على الانترنت ويسهل البحث فيها أو تصفحها باللغتين الانجليزية والعربية مع ربط الوثائق المتوفرة لكل قطعة أرض مع صاحب الأرض أو أصحابها بالإضافة للعمل اللازم بشأن خرائط اللجنة وكذلك الخرائط الحديثة المتوفرة. وقد تم الانتهاء من ذلك بالفعل مع التعاقد مع شركة محلية لتسهيل العمل.
الآن يتوفر هذا السجل الهام والمحدث أمام القيادة الفلسطينية والحركة الوطنية الفلسطينية والجمهور الفلسطيني والذي يجب استخدامه في مجال النضال من أجل استعادة حقوق لاجئي فلسطين بما في ذلك أراضي هؤلاء التي تسيطر عليها إسرائيل بشكل غير شرعي. وستعمل المؤسسة على توفير المجال لكل المهتمين بتصفح السجل وربما الحصول على نسخ من الوثائق المرتبطة بالحالة المعنية أو بالأرض المحددة.