أدان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات د. ناصر القدوة، مساء اليوم الأحد، العدوان الإسرائيلي المتصاعد والمستمر على قطاع غزة وكل السياسات الإسرائيلية المتعلقة بالقطاع وبعموم الشعب الفلسطيني داعيًا للتصدي لهذا العدوان والعمل على إيقافه، وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته تجاه ممارسات دولة الاحتلال بحق قطاع غزة.
وقال القدوة في ندوة عقدتها مؤسسة ياسر عرفات في قاعة المنتدى بمتحف ياسر عرفات بعنوان: "السياسات الشرق أوسطية للإدارة الأميركية وخططتها المرتقبة"، إن الدافع لعقد هذه الورشة هو تكاثر الحديث عن خطة الولايات المتحدة المسماة صفقة القرن وزيادة مستوى الخديعة، لذلك نحتاج لمشاركة الجميع اليوم في سبل التصدي لهذه الخطة.
وقال إن مواقف الإدارة وإجراءاتها المتعلقة بالشعب الفلسطيني تشكل سياسة عام خارجة عن مواقف الإدارات السابقة وتنكر الحقوق الدولية وتحاول تقويض التوافق الدولي على أسس الحل وتجر الصراع إلى وضع جديد أو مستوى مختلف.
وأضاف أن السياسة الأميركية الحالية تشكل مزيد من رغبات المستعمرين الإسرائيليين واليمين المتطرف في الولايات المتحدة الأميركية وهم أقلية في كل مكان ولكنها أقلية متنفذة، والهدف وراء هذه السياسة العامة هو تمكين إسرائيل من الاستمرار في مشروعها التوسيعي لشرعنة الاستعمار الاستيطاني وخطواتها غير القانونية بشأن القدس والجولان السوري وإنكار الحقوق الوطنية للشعب الفلسطينية.
وأشار إلى سياسة عامة شرق أوسطية أخرى للإدارة الأميركية وهي الدفع باتجاه اعتبار إسرائيل أنها ليست الخطر الرئيسي في المنطقة وإنما إيران ومحاولة تغيير التحالفات في المنطقة بناء عليه وبناء تحالف ضد إيران يضم إسرائيل وبعض الدول العربية.
وشدد القدوة على أهمية عدم تغيير مركزية الخطر الإسرائيلي في المنطقة بمعزل عن الصراع مع فلسطين، فهي تتمتع بعقلية توسعية إٍسرائيلية ثابتة ليست متعلقة فقط بالضفة بل بالجولان السوري وجنوب لبنان وسيناء المصرية، فالعقلية التوسعية ممنهجة جدية تمارس عمليا من الجانب الإسرائيلي وهناك عملية الهيمنة بالمعنى السياسي والاقتصادي.
وأضاف أنه يتضح أكثر فأكثر كل يوم أنه لن تذهب إسرائيل والولايات المتحدة بحرب ضد إيران لصالح العرب وأن ما يجري هو من باب الابتزاز السياسي والمالي وفتح الأبواب أمام إسرائيل.
وبين القدوة أنه لم يكن هناك أية مساهمة حقيقة في وضع الخطة من قبل الجانب الفلسطيني أو أية دولة عربية وكان هناك لتسويق بعض عناصر الخطة وليس مناقشتها، وهذا متعمد والطرف الوحيد الذي تم التشاور معه بشكل جدي حول الجوهر هو الطرف الإسرائيلي.
وقال القدوة إن أية أفكار أو خطط ستنطلق من السياسة العامة للولايات المتحدة والتي عبرت عن نفسها ونفذت وأي خطط وأفكار عامة ستكون بنفس الاتجاه والتذاكي الذي يقول كيف يمكن لأحد أن يكون ضد خطة لم يراها هو تذاكي سخيف لم نرى الخطة لكننا رأينا المواقف والإجراءات الأميركية والمنطق يقول أن أي خطة لن تقر بحقوق الشعب الفلسطيني وبالقدس عاصمة لشعبنا ستقر عكس ذلك.
وشدد القدوة على أنه من المحذور التعامل مع هذه الخطة وليس قبولها أو رفضها لأن التعامل معها سيشكل انتهاك للقانون الدولي وتنكر للحقوق الدولية وتقويض التوافق الدولي على أساس الحل السياسي للقضية الفلسطينية.
وعدد القدوة المواقف التي اتخذتها الإدارة الأميركية بشأن الصراع، وتعبيرها الدائم أنها تريد إقامة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين وهذا تعبير دائم يحمل في طياته معاني عديدة أنه يوجد مجموعة أفراد داخل إسرائيل نحاول أن نجد لهم حلا، ومواقفهم تتركز حول رفض حل الدولتين، بعد ذلك رفض متكرر من قبل ممثلي الإدارة لتأييد حل الدولتين، وهذا لا يمثل تراجع عن حل الدولتين كصيغة للحل السياسي وإنما يمثل تراجع عن القبول بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وتراجع عن وجود دولة فلسطين.
وتحدث القدوة عن تراجع الإدارة الأميركية عن موقفها من المستعمرات الإسرائيلية وعدم الإقرار بالضرر الذي تلحقه المستعمرات بالضلوع الدائم وبتحقيق السلام ولم يصدر من الإدارة الحالية أي إدانة لمشاريع الاستيطان وهو ما ممثل دعما لاستمرار استيطانها.
وتحدث عن إسقاط صفة الاحتلال عن الضفة الغربية والجولان السوري المحتل، ورفض اتخاذ هذا الموقف في موجهة أسئلة الصحفيين، ولا يوجد إجابة إيجابية من الإدارة الأميركية بأن الضفة محتلة أم لا.
وتحدث عن حرب تشنها أميركا ضد الموقف الأممي المتعلق بكافة جوانب الصراع وضد التحرك الفلسطيني هناك، عبر تحييد المنظمة الدولية والقانون الدولي والجديد هو الإمعان في هذا الاتجاه واستخدام أدوات خشنة وضغوط حقيقة على كافة الأطراف لتحقيق ذلك.
وتطرق القدوة إلى الإعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال ونقل السفارة إلى القدس المحتلة، وإنهاء الوضع المستقل للقنصلية الأميركية العامة في القدس الموجودة منذ عام 1876م، وهو ما يعني إغلاق الباب حتى أمام فكرة الترتيبات الدولة أو حتى الأهمية الدولية للقدس، وأعلنت الإدارة الأميركية أن موضوع القدس قد أغلق وكذلك وقف تمويل الأونروا واتخاذ إجراءات عدائية ضدها وهي مقدمة شرسة لإنهاء موضوع اللاجئين.
وتطرق إلى وقف المساعدات إلى السلطة الوطنية الفلسطينية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وهي تبلغ بحدود 300 مليون دولار، والكونغرس قام بدور هام في هذا المجال بالاعتماد على قوانين قديمة موجودة أساسا وأحيانا بتشريعات جديدة.
وقال إن آلية طرح خطة السلام أو صفقة القرن تتم عبر فريق ثلاثي ليس منهم أية محايد أو خبر في شؤون الشرق الأوسط وفي مسألة العمل من أجل إنجاز السلام ومنهم واحد معادي بشكل عملي للشعب الفلسطيني وهو توماس فريدمان ويدفع من ماله الخاص لبناء المستعمرات.
ولمواجهة الخطة، قال القدوة إنها مطلوب تشكيل تحالف عربي دولي واسع ليس فقط لرفض الخطة بل لطرح خطة بديلة تؤكد الأسس المتوافق عليها للحل السياسي.
بالنسبة للجانب الاقتصادي في الخطة في ضوء تجربة اوسلو، قال القدوة أنه لا يوجد تنمية اقتصادية دون استقلال وطني وحرية القرار السياسي، ونحن لن نقبل مالا مقابل الحقوق الوطنية.
وعن التأجيل المتكرر لإعلان الخطة، قال القدوة إن الأسباب تتعلق بأمور داخلية للإدارة، ومساعي لمحاولة نسف وتغيير الأسس العادلة المتفق عليها لإنجاز الحل السياسي.
وأشاد القدوة بالإجماع الفلسطيني على رفض الخطة وجود معارضة أوربية هامة ومعارضة روسية وصينية ويوجد عودة بعض الأطراف العربية لتبني الموقف العربي المتفق عليه وبعض الأطراف العربية مثل الأردن كان لها موقف شديد الوضوح من رفض الصفقة ومصر لم تكن بعيدة عن ذلك أيضا.
وأضاف في النهاية لم يستطيع أي مواطن عربي أن يقبل مواقف جنونية مثل إعطاء السيادة الإسرائيلية على القدس لإسرائيل.
وأوضح القدوة أن جزء من الخطة كان متغيرا وخضع للتغيير والتبديل، وانا لست متأكدا من أنه ستكون خطة في شهر يونيو وإن كان هناك بعض المؤشرات، والأخطر قد تقود الخطة بتشجيع حكومة الاحتلال على فرض القانون الإسرائيلي على المستعمرات وهي نفس الصيغة التي استخدمت لضم القدس الشرقية دون استخدام تعبير الضم.
وأكد القدوة أن شعبنا يعتبر أن الخطوات الإسرائيلية تغلق الباب أمام التسوية التفاوضية، وفي المقابل نحن سنستمر في النضال حتى تحقيق الاستقلال الوطني، وثانيا الذهاب بحرب شاملة بوسائل سلمية عربيا ودولية ومحليا وتجميد مبادرة السلام العربية.
وفي نهاية الندوة أجاب القدوة على بعض مداخلات الحضور بأن مواجهة تلك السياسات بالذهاب إلى حرب سلمية ضد الإستعمار الإستيطاني وتجميد مبادرة السلام.
وتجدر الإشارة أن الكاتب والأديب يحيى يخلف افتتح الندوة مؤكدًا أهمية عقد مثل هذه الندوة في هذا الظرف الحساس الذي تمر به قضيتنا الوطنية.
وحضر الندوة حشد مميز من القيادات والكوادر السياسية والأكاديمية والصحفية، وخاصة أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل رجوب وعزام الأحمد ومحمد المدني ونائب رئيس الوزراء د.زياد أبو عمرو، وأعضاء من المجلس الثوري لحركة فتح وشخصيات اعتبارية عديدة.