في إحياء الذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد القائد المؤسس، القدوة يدعو إلى مواجهة الاستيطان الإستعماري والتطرف الإسرائيلي

2018-11-22


رام الله-11-11-2018- قال د.ناصر القدوة رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات، نلتقي في هذه المناسبة الوطنية، لنؤكد "وفاءنا لياسر عرفات، وإلتزامنا بما خطه لنا، ولنشحذ الهمم استلهاماً من تجربته لمواجهة الصعوبات الكبرى التي تحيق بنا".
وأضاف إن التطرف الإسرائيلي والإنزياح نحو الأصولية وحتى الفاشية والإمعان في الإستعمار الإستيطاني وحتى إنكار الحقوق الوطنية الفلسطينية، والإنقلاب الأمريكي على القانون الدولي والمواقف الدولية، والضعف العربي وبوادر الإستجابة للإبتزاز الخارجي، وضعف تحالفاتنا الخارجية وتراجع الخريطة الدولية التقليدية، يكاد يوصلنا إلى حافة الهاوية.
وأشار إلى أن مصاعب جمة تحيط بنا، من استمرار الانقسام السياسي والجغرافي، وضعف منظمة التحرير الفلسطينية وباقي المؤسسات، والتدهور الاقتصادي والمعيشي وتفكك النسيج الاجتماعي، الأمر يحتاج ليقظة ولنهضة على كل المستويات وفي كل المواقع.

وهنا نص خطاب د.ناصر القدوة كاملاً..

السادة أعضاء اللجنة التنفيذية وأعضاء اللجنة المركزية والوزراء 

السيدات والسادة ممثلو الدول والبعثات 
السيدات والسادة أعضاء مجلس إدارة ومجلس أمناء مؤسسة ياسر عرفات
السيدات والسادة – الحضور الكريم
أرحب بكم جميعاً، وأشكر حضوركم في لقائنا السنوي هذا، الذي تقيمه اليوم مؤسسة ياسر عرفات، إحياءً للذكرى الرابعة عشرة لرحيل قائدنا المؤسس، وأب الوطنية الفلسطينية المعاصرة. ويشرفني بداية أن أنقل لكم تحيات السيد الرئيس محمود عباس الرئيس الفخري للمؤسسة، وتحيات السيد عمرو موسى رئيس مجلس أمنائها. وأود أن أنقل لكم أيضاً اعتذار دولة رئيس الوزراء عن عدم حضوره بسبب اضطراره المفاجئ للتواجد خارج البلاد. وأرحب بشكل خاص بالسيد الطيب عبد الرحيم أمين عام الرئاسة، الذي سيتحدث لنا بعد قليل ممثلاً للسيد الرئيس.
السيدات والسادة
تستمر مؤسستكم، مؤسسة ياسر عرفات في عملها بالجدية اللازمة للوفاء بواجباتها، بداية بالجانب المؤسساتي المتعلق باجتماعات وأداء هيئاتها القيادية، بأعضائها الفلسطينيين والعرب، وفقاً لأنظمة المؤسسة ولوائحها. وتستمر أيضاً بجمع وحفظ وتحديث أرشيف عرفات المرئي والمسموع والمكتوب، والذي يشكل جزءاً كبيراً وهاماً من أرشيفنا الوطني. وتستمر لجان المؤسسة الأساسية في العمل الدؤوب، بداية بلجنة جائزة ياسر عرفات للإنجاز، والتي نجحت في جعل الجائزة، الجائزة الأهم والمقدرة رسمياً وجماهيرياً في فلسطين. ثم لجنة الدراسات التي استطاعت بشكل خاص إصدار واحد وعشرين عدداً من المجلة الفصلية، أوراق فلسطينية، بالرغم من أن ذلك يأتي وكأنه سباحة ضد التيار، في زمن أصبح المطبوع والمقروء لا يتمتعان بالشعبية الواسعة.
ثم تأتي برامج المؤسسة التي نحب، وأهمها مسابقة المعرفة الوطنية للنشءِ الفلسطيني، لطلابنا في المدارس، وذلك بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي، والتي تشعرنا بسعادة كبرى بسبب ما نراه من تفوق هذا النشءِ، عندما يعطى الفرصة المناسبة. إضافة لبرنامجنا الصغير في مجال المخيمات الصيفية التي تركز على ياسر عرفات وإرثه.
لكن يبقى عمل لجنة المتحف والعاملين فيه مصدر فخرنا الأساسي، متحف ياسر عرفات، متحف الذاكرة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، الذي أصبح منذ افتتاحه قبل عامين المؤسسة الثقافية الوطنية التعبوية الأبرز. المتحف الذي يقدم، ليس فقط رمز الحركة الوطنية، وإنما يقدم الرواية الوطنية الفلسطينية في مواجهة كل محاولات إنكار هذه الرواية أو تحويرها. زار متحفنا حتى الآن نحو ثمانين ألف زائر. المهم هنا هو مشاركة الجيل الفلسطيني الجديد ومشاركة أهلنا في الداخل، وكذلك مشاركة أعداد كبيرة من الزوار الأجانب الذين تصل نسبتهم إلى نحو خمسة وثلاثين بالمئة من الزوار. ما نطمح له، ليس فقط توسيع المشاركة وزيادة عدد الزوار، وإنما أيضاً تطوير نوعية الزيارة، بحيث تشمل فعلاً القراءة المتمحصة للنّصّ والاستماع له عن كثب، تعميقاً ودعماً لثقافة المتاحف ولانتمائنا ومعرفتنا الوطنية.
السيدات والسادة
نحن نلتقي لنؤكد وفاءنا لياسر عرفات والتزامنا بما خطه لنا، ولنشحذ الهمم استلهاماً من تجربته، لمواجهة الصعوبات الكبرى التي تحيق بنا. لكن الأهم، ربما، هو جوهر ما مثله عرفات. الهوية الوطنية، التراث الوطني، الكيانية الوطنية والدولة الوطنية. حالياً هذا هو الأمر المركزي، 
ثم تأتي كيفية مواجهة الصعاب وهي كثيرة: الانقسام السياسي والجغرافي، ضعف منظمة التحرير الفلسطينية وباقي المؤسسات، التدهور الاقتصادي والمعيشي وتفكك النسيج الاجتماعي، التطرف الإسرائيلي والانزياح نحو الأصولية وحتى الفاشية، والإمعان في الاستعمار الاستيطاني وحتى إنكار الحقوق الوطنية الفلسطينية، الانقلاب الأميركي على القانون الدولي والمواقف الدولية وحتى الأميركية السابقة، الضعف العربي وبوادر الاستجابة للابتزاز الخارجي، ضعف تحالفاتنا الخارجية وتراجع الخريطة الدولية التقليدية. 
نحن إذاً وبصراحة كاملة كأننا على حافة هاوية.
والسؤال المركزي إذاً هو كيف نواجه هذه التحديات غير المسبوقة التي تحيط بنا وكيف ننهي الأوضاع المزرية التي نعيش؟ تعلمنا تجارب الشعوب أنه لا مجال للاختراعات في النضال من أجل الانتصار. وأن الانزلاق نحو الاختراعات لا يقود إلى الانتصار، بل يثير السخرية ويؤدي إلى انفضاض الشعب وتقلص التضامن الخارجي.
تعلمنا تجارب الشعوب، ويكاد يشير لنا ياسر عرفات، أنه لا بد من العودة إلى الأساسيات والتمسك بها. أولى هذه الأساسيات هي التمسك بالوحدة، وحدة الأرض ووحدة الشعب. وهو ما يعني الآن استعادة غزة وإنهاء الانقسام. لا بد من ذلك، وبدونه لن نتقدم إلى الأمام. وهو يعني أيضاً التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية وبالوحدة داخل المنظمة، وضرورة مشاركة الجميع فيها.
ثانية هذه الأساسيات، هي التمسك المطلق بأننا نحن أهل البلاد الأصليين، أصحاب الأرض. وأن دولة فلسطين قائمة، وهو أمر لا يخضع للتفاوض أو النقاش لا مع إسرائيل ولا مع غيرها. يعني هذا أن الدولة موجودة تحت الاحتلال وأننا نناضل من أجل إنجاز الاستقلال الوطني في دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. نناضل من أجل الحرية والاستقلال.
ثالثة هذه الأساسيات، هي ضرورة تعميق وتوسيع النضال ضد الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي لبلادنا، وضد قمع الاحتلال لشعبنا. لا بد من مواجهة جرائم الحرب الإسرائيلية المركبة، لا بد من رفض المستعمرات والمستعمرين محلياً ودولياً لحين دحر هذا المشروع الكولونيالي، لأنه الخطر المركزي ولأنه بدون دحره لا يمكن النجاح في الوصول للاستقلال وإنجاز حقوق شعبنا الأخرى.
رابعة هذه الأساسيات، أن استعدادنا للتسوية السلمية والتفاوض مشروط بإقرار الجانب الآخر بدولتنا وحقوق شعبنا، أي أنه مشروط بالاتفاق على الشكل النهائي للحل مسبقاً. ويرتبط بوجود الآلية الدولية المناسبة التي لا تحتكرها الولايات المتحدة ولا تسيطر عليها. بدون الدولة وبدون القدس وبدون حقوق اللاجئين وحقوق شعبنا الأخرى، لا توجد تسوية سياسية سلمية. ويفرض علينا ذلك الاستمرار في النضال والتمسك بالأساسيات الأخرى.
خامسة هذه الأساسيات، أن علينا الاستمرار والإبداع في خدمة شعبنا ورعاية مصالحه حتى ونحن ما زلنا في مرحلة التحرر الوطني. لكن الأمر يتطلب مراجعات جدية على ضوء عمل إسرائيل ونجاحها في إنهاء الاتفاقيات القائمة وحتى دفنها. نحتاج مراجعة دور السلطة وشكلها وصلاحياتها وعلاقاتها بالمنظمة وتوزيع الصلاحيات بينهما ومراجعة العقيدة الأمنية ودور أجهزتنا وعملها.
خمس أساسيات تبدو بديهية، لكنها صعبة صعبة، وبدون التمسك بها نحن نخاطر بحقوقنا الوطنية، بمستقبلنا ومستقبل أبنائنا.
 اسمحوا لي أن أضيف هنا:
إشارة لما يقوم به بعض الأخوة العرب في الخليج تطبيعاً مع إسرائيل وتجاهلاً لمبادرة السلام العربية، لنعبر مع محبتنا عن رفضنا الصريح والقاطع لما يقومون به وطلبنا منهم العودة عنه. 
وإشارة ثانية للكارثة الوطنية المتمثلة في تسريب عقارات عربية في القدس الشريف، بما في ذلك في البلدة القديمة. لنعبر عن إدانتنا التامة للأيدي الخائنة، للأيدي التي باعت والأيدي التي تآمرت. ونطالب بمعاقبة هذه الأيدي وإنهاء هذه الكارثة مرة وإلى الأبد.

عاشت فلسطين
الحرية للأسرى والشفاء الجرحى
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
عاشت الذكرى
رحم الله ياسر عرفات