أكد الدكتور ناصر القدوة رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، على أن المعركة الفلسطينية ضد الإستعمار الاستيطاني هي معركة حياة أو موت، مشدداً على ضرورة التمسك بالمنظومة السياسية الفلسطينية بالجدية الكاملة للدفاع عن الحقوق الوطنية.
وقال القدوة في ندوة بعنوان "الوضع الفلسطيني الراهن: ماذا بعد؟" مساء أمس السبت2019.3.16، التي دعى إليها ملتقى فلسطين الثقافي، أن القيادة الفلسطينية متمسكة بالتسوية التفاوضية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بشرط وجود آلية واضحة ملتزمة بمدة زمنية محددة، مشيراً إلى ضرورة مواجهة الإستعمار الاستيطاني على كافة المستويات الفلسطينية وبمختلف المناطق.
وأضاف د. ناصر بدون رؤية استراتيجية لا يمكن الوصول إلى حل في القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن الوضع الفلسطيني الحالي متأزم والخروج منه يتطلب تحمل المسؤولية الكاملة في استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام الفلسطيني، لأنه لا يوجد دولة فلسطينية بدون غزة سياسياً واقتصادياً كونها عامل مهم في الموارد البشرية والطبيعية.
وأوضح القدوة بأن اسرائيل لها هدفان متناقضان من حالة الإنقسام الفلسطيني لتحقيق المصالح الإستراتيجية الخاصة بها متمثلة في الحفاظ على الانقسام الفلسطيني في القطاع والحفاظ على مصالحها الأمنية في نفس الوقت، مما يفسر تخبط الموقف الاسرائيلي حول غزة.
وأكد على أنه لا مناص من استعادة الوحدة سياسياً وجغرافياً، وأن الصدام المسلح والدم الفلسطيني الذي سال في بداية الإنقسام مثّل انحرافاً خطيراً في مسار الحركة الوطنية الفلسطينية.
ومن جهة أخرى قال القدوة بأن الضعف الذي انتاب المؤسسة الفلسطينية بشقيها الرسمية والغير رسمية أحدث فراغاً، مشيراً إلى أن غياب المجلس التشريعي أحد أذرع الدولة هو معضلة، وإضعاف السلطة القضائية وترهلها زاد الأمر سوءاً، وتركز القوة في السلطة التنفيذية ومؤسساتها أدى إلى عدم التوازن في المنظومة المؤسساتية الفلسطينية.
وأشار أيضاً إلى أهمية إعادة دور وتعزيز عمل منظمة التحرير الفلسطينية من خلال مجلس وطني جديد ينبثق منه لجنة تنفيذية على أسس صحيحة ومتعارف عليها بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية والإتحادات الشعبية والنقابات، للمحافظة على تقاليد العمل الفلسطيني وحفظ حقوق المواطن الجزء الأساسي من الدولة.
وفي العنوان الثاني للندوة قال القدوة بأن الإنجراف الإسرائيلي نحو الأصولية والتطرف اليميني، نتج عنه تجاوز اتفاقية أوسلو بالكامل.
مشيراً إلى التسارع والتغير في المنظومة الإسرائيلية وتعبر عن ذلك في نمط الإستعمار الاستيطاني للأرض الفلسطينية وهو الأخطر على الوجود الفلسطيني.
كما أشار د.ناصر إلى التغيير في السياسة الأمريكية التي كانت وسيطاً في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعد وصول دونالد ترامب إلى مقاليد الحكم، موضحاً بأن الرؤية الفلسطينية للرئيس ترامب كانت مغلوطة بأنه غير مسيس ولا يملك رؤية واضحة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. مشيراً إلى ذلك بأن دونالد ترامب جزء من المعسكر اليميني الأمريكي المتشدد وله برنامج واضح في الشرق الأوسط.
وأضاف أن ترامب عمل على تغيير موقف الحكومة الأمريكية من المستعمرات الإسرائيلية وقانونيتها من جهة، ومن جهة أخرى تغيير المركز القانوني للآراضي المحتلة من الجانب الإسرائيلي وهو يحاول تقويض منظومة القانون الدولي وقراراته ذات الصلة حول القضية.
وتابع القدوة، بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وإعلانها عاصمة لدول اسرائيل وإلغاء القنصلية الأمريكية الموجودة منذ 175 عاماً يمثّل تغييراً جوهرياً يجب التصدي له بقوة.
كما أشار د.ناصر إلى أن الحكومة الأمريكية تحاول تغيير ديناميكية الصراع في المنطقة من خلال تحويل الصراع بين العرب والإسرائيليين، إلى صراع عربي إيراني. موضحاً بأن هذه الفرضية حمقاء وغير طبيعية.
وتابع بأن أمريكا أنهت دعمها لعمل الأونروا في الأراضي الفلسطينية. وأغلقت ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وأمعنت في شراكتها مع إسرائيل باستهداف الحقوق الوطنية الفلسطينية.
وأكد القدوة في العنوان الثالث للندوة بأن الرافعة الأساسية للقضية الفلسطينية هي الرافعة العربية لما قدمته سياسياً واقتصادياً على الثورة الفلسطينية، مشيراً إلى حالة الضعف العربي وغياب بعض الدول العربية ذات الوزن على القضية الفلسطينية مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا.
وقال القدوة: هناك انفجار سياسي في بعض الدول العربية للحكم السائد فيها لعدم وجود ديمقراطية واضحة وممارسة، وظهور الاسلام السياسي المتطرف ممثلاً في داعش والقاعدة.
وفي ذات السياق قال القدوة بأن معالجة الوضع الحالي الفلسطيني يأتي من خلال المواجهة المباشرة بإنهاء الإنقسام الفلسطيني وإستعادة الوحدة الفلسطينية عبر التفاهم الإجباري لإعادة القضية الفلسطينية لحالتها الطبيعية وتحقيق الأهداف الوطنية.
وأشار إلى أن حركة حماس لم يعد لها خيارات استراتيجية بفشل حكمها للقطاع والحال المأساوي الذي وصل له، والإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر متمثلاً بمحمد مرسي بعد الثورة المصرية، وعدم تغيير الوضع في الضفة، مما يجب أن يدفعها للعودة للخيار الوطني.
وأضاف بأن متطلبات الوحدة الفلسطينية قبول حماس بالتخلي عن حكم قطاع غزة وإعادة غزة للنظام السياسي الإداري الفلسطيني، بالمقابل قبول حركة فتح بشراكة كاملة مع حماس في إتفاق سياسي برامجي واضح لإنجاز الاستقلال الفلسطيني للدولة القائمة على حدود الرابع من حزيران للعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وإعادة صياغة منظمة التحرير الفلسطينية من خلال مجلس وطني على الأسس التقليدية الصحيحة ودخول حركتي حماس والجهاد الإسلامي بعد إنجاز المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام.
كما أكد على ضرورة إصلاح عمل المؤسسات الوطنية بتعميق أسس العمل الديمقراطي، ومحاربة انتشار الفساد والعمل على إنهائه.
وأضاف القدوة على الفلسطينين تحمل المسؤوليات تجاه القضايا العربية وأخذ مواقف حازمة ضد الطائفية المنتشرة وأخذ موقف قاطع ضد الأحزاب الإسلامية المتطرفة من خلال الإستفادة من القيم الأخلاقية الوطنية الفلسطينية.
وطالب القدوة في نهاية الندوة بتحسين عمل منظومة العمل الوطني بتكامل الجسد الفلسطيني بمختلف تياراته، وإرجاع القضية الفلسطينية وجوهرها في الساحة الدولية من خلال جهد سياسي دبلوماسي عالمي مبني على أسس قانوني واضح.