نشر موقع "ميدل ايست آي" مقالا للدكتور ناصر القدوة رئيس مجلس إدارة ياسر عرفات، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح بعنوان: "الفلسطينيون يستطيعون الآن الاطلاع على معلومات عن ممتلكاتهم المسروقة من خلال قاعدة البيانات التي نشرناها"
وفيما يلي ترجمة للمقال:
إذا كانت السياسة الخارجية للرئيس الأميركي دونالد ترامب عملت بكثافة ضد تعددية الأطراف والمبادئ الأساسية للنظام العالمي القائم على القوانين، وعندما تعلق الأمر بإسرائيل- فلسطين، جاء تركيز" الهجمة" أشد شراسة.
فبدلا من الاكتفاء بدعم المواقف المؤيدة لإسرائيل، تبنى ترامب بشكل تام رواية متطرفة مؤيدة للضم، وتقدم بخطة تخلد "تؤبد" إنكار إسرائيل للحقوق الوطنية الفلسطينية. الخطة لم تكتفي بتشجيع المستوطنات الاستعمارية غير المشروعة فقط، بل إنها أيضا تنفي حقوق اللاجئين الفلسطينيين. أرادت الولايات المتحدة من ذلك استباق العديد من قضايا الوضع النهائي، بما في ذلك القدس والمستوطنات واللاجئون، بل وحتى من خلال التمادي"التطرف" أكثر من المواقف الإسرائيلية ذاتها.
ومحاولة تفكيك الأونروا، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، كانت جزءا أساسيا من استراتيجية فريق ترامب. إلا أن ما لم يدركوه هو مدى صلابة تكرس حقوق الفلسطينيين ضمن منظومة الأمم المتحدة، خصوصا حقوق اللاجئين.
بدأ ذلك بمجرد أن عينت الأمم المتحدة وسيطها الأول السويدي فولك بيرنادوت، الذي اغتيل لاحقا في القدس بأيدي إرهابيين إسرائيليين. ربما كانت أهم تركة له القرار 194، الذي تم تبنيه في الحادي عشر من كانون الأول/ ديسمبر من العام 1948، والذي أنشأ (لجنة التوفيق)، المكونة من الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا، بهدف دعم الأطراف للتوصل إلى تسوية نهائية.
وبينما لم تحقق اللجنة هدفها الأساسي، إلا أنها نجحت في وضع قاعدة بيانات شاملة بالممتلكات الخاصة التي تعود إلى اللاجئين الفلسطينيين والكنائس والأوقاف والملاك من غير الفلسطينيين في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في العام 1948.
ولسنوات طويلة، ظلت قاعدة البيانات تصنف على أنها سرية، ووزعت نسخ منها على إسرائيل والأردن ومصر وسوريا وجامعة الدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ثم تمت عملية تحديث لمخرجات عمل اللجنة وحولت قاعدة البيانات إلى رقمية "ديجيتال"، بعد أن طالبت الأمم المتحدة أمينها العام بأن "يتخذ كل الخطوات المناسبة لحماية الممتلكات والأصول وحقوق الملكية العربية في إسرائيل والحفاظ على السجلات الموجودة وتحديثها ". وتم تسليم النسخة التي نتجت عن ذلك إلى بعثة فلسطين إلى الأمم المتحدة، التي كنت أرأسها.
المسؤولية الدولية
في ظل الهجمة الأميركية الهائلة ضد حقوق شعبنا، قررنا الإعلان عن قاعدة البيانات وإتاحتها للجمهور من خلال مؤسسة ياسر عرفات.
لو كان الفريق الذي يقف من وراء خطة ترامب للشرق الأوسط متغطرسا وجاهلا بما يكفي لتجاهل القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وحتى التاريخ الدبلوماسي لواشنطن نفسها، ظننا أنه لربما تكون هناك فرصة لأن يفهموا قيمة الملكية الخاصة وحقوق المالكين لها.
قررنا اليوم فتح السجلات أمام كل الفلسطينيين حتى يتمكنوا من التدقيق في ممتلكاتهم، وفي بعض الحالات، الحصول على الوثائق الخاصة بذلك.
وكل من يدخل إلى قاعدة البيانات هذه، سوف يدرك ليس فقط المظالم الكبرى التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني، وإنما أيضا إلى أي مدى استفادت إسرائيل، وربحت من ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين. تشتمل قاعدة البيانات على مائتين وعشرة آلاف مالك، وخمسمائة وأربعين ألف قطعة أرض. وهي قاعدة تم إنشاؤها بشكل رئيسي باستخدام سجلات الأرض والضريبة البريطانية. وهذا يشمل حوالي ستة آلاف خريطة تظهر مواقع كل واحدة من هذه القطع.
بكلمات أخرى، بإمكاننا أن نتحدث عن نحو 5.5 مليون دونم (1.359 مليون هكتار) من الأراضي الفلسطينية المملوكة ملكية خاصة داخل ما بات الآن إسرائيل، ويستثنى من ذلك منطقة النقب التي لم يكن قد شملها التسجيل.
حقوق اللاجئين الفلسطينيين منصوص عليها في القانون الدولي وفي قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بذلك. نفس المجتمع الدولي، الذي قرر تقسيم فلسطين، لا يستطيع الاستمرار في تجاهل تداعيات أعماله.
وفي غياب تسوية سياسية عادلة ودائمة تتعامل مع كل القضايا بموجب ما ينص عليه القانون الدولي، فإن إنفاذ الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حق تقرير المصير، سوف يظل من مسؤوليات المجتمع الدولي.
مقاربة فاشلة
قال ترامب، أنه من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فإنه بذلك يسحب القدس من طاولة المفاوضات. كما استخدم صهره جاريد كوشنر منطقا مشابها خلال حملته التي شنها لخنق وكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، بهدف سحب قضية اللاجئين أيضا من طاولة المفاوضات.
إلا أن مقاربتهم قد فشلت. وربما ينبغي أن يكون في ذلك درس لمن يستمرون في العمل على إنكار الحقوق الفلسطينية. إن إنكار الحقوق الفلسطينية يعني إنكار المبادئ الأساسية التي قامت عليها الأمم المتحدة، ويمثل واحدة من أكبر إخفاقات النظام الدولي متعدد الأطراف. إن عظمة القضية الفلسطينية هي التي سببت فشل ترامب.
عندما أصبحت إسرائيل عضوا في الأمم المتحدة في عام 1949، التزمت باحترام ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الصادرة عنها، ولكنها ماتزال بعد اثنين وسبعين عاما تخفق في الوفاء بذلك.
لن تخدم إدارة بايدن قضية السلام إذا ما حاولت تكرار الصيغ التي هدفت إلى تعزيز حصانة إسرائيل وإنكار الحقوق الفلسطينية. بدلا من ذلك، ينبغي عليها السعي للدخول في شراكة مع أعضاء آخرين في المجتمع الدولي لإصلاح الإخفاقات السابقة، مع الإدراك بأنه لا يمكن تجاوز القانون الدولي، ولا حقوق الملايين من اللاجئين الفلسطينيين.
قاعدة بيانات ممتلكات اللاجئين التي أتحناها للجمهور ينبغي أن تذكر بعظم مقدار ما ارتكب بحق الشعب الفلسطيني.
نُشر المقال على موقع ميدل إيست آي في 11 ديسمبر 2020
https://www.middleeasteye.net/opinion/refugee-property-database-highlights-severe-injustices-done-palestinian-people