يُصادف اليوم الرابع من آب/ أغسطس الذكرى الحادية والتسعين لميلاد الرئيس المؤسس ياسر عرفات (أبو عمار)، والذي ولد في مثل هذا اليوم من العام 1929.
المولد والنشأة
ولد "محمد ياسر" عبد الرؤوف عرفات القدوة، الذي إشتهر لاحقاً بإسم ياسر عرفات في القدس يوم الرابع من آب/ أغسطس 1929، ليكون ترتيبه السادس في أسرة الأب عبد الرؤوف داوود عرفات القدوة الحسيني، والأم زهوة سليم خليل أبو السعود، وذلك في منزل في الزاوية الفخرية؛ زاوية آل أبو السعود في الجهة الجنوبية الغربية من الحرم القدسي الشريف.
نشأ ياسر عرفات في أجواء أسرية حميمة برعاية والده الذي كان يعمل في التجارة متنقلاً بين القدس وغزة، حيث كان يمتلك متجراً للحبوب في سوق خان الزيت، وغزة، والقاهرة. وأمه زهوة التي كانت تقيم مع زوجها في القاهرة وتزور القدس في كل عام، خاصة في فترات الولادة جرياً على عادة العائلات في ذلك الوقت، وكانت تقيم مع أطفالها في منزل شقيقها سليم، وقد أنجبت ياسر وفتحي في ذلك البيت، وكانت قد سكنت مع زوجها قبل سفر العائلة إلى مصر في "الميلوية" وفي"الواد" قرب الحرم القدسي، ورافقت زهوة زوجها عند إنتقاله إلى القاهرة، التي سافر إليها ليتابع قضية ميراث له من وقف الدمرداش. وهو من أكبر الأوقاف في مصر، وعمل عبد الرؤوف في تجارة القطن في القاهرة. وكانت زهوة تتردد كثيراً على القدس، ومعها ياسر، حتى وفاتها سنة 1933 بمرض في الكلى، وياسر ما زال دون الرابعة من عمره.
بعد وفاة "زهوة"، وبناء على طلب شقيقها سليم، وافق عبد الرؤوف على أن يبقى ياسر وشقيقه الأصغر فتحي، الذي ولد في القدس أيضاً قبل أشهر من وفاة أمه. ليعيشا في كنف خاله سليم أبو السعود وزوجته في القدس.
لم يكن سليم وزوجته قد رزقا بأولاد فأحاطا اليتيمين بالحب والرعاية، وعاش الولدان معهما سنوات أربع في القدس، و كانت الأجواء العامة المحيطة بحياتهما فيها أجواء صراع ونزاع.
احتلال ونضال ومقاومة
فقد ولد ياسر في سنة ثورة "البراق" 1929، وعاش طفولته المبكرة ليشهد في القدس إرهاصات وبدايات ثورة 1936، ونشأ في وسط يعج بالمناضلين الوطنيين، الأمر الذي أثر عليه كثيراً، حتى أن معظم ألعابه كانت تشتمل على بنادق خشبية وتمثيلا لجنود وضباط، كما قال شقيقه فتحي، الذي يضيف أن ياسر كان يقول له "تعال نلعب لعبة تحرير فلسطين".
وفي القدس تفتحت عيناه على هذه المدينة المحافظة، التي تعبق بالتاريخ وتعج بالقداسة في كل مكان فيها. وتعرف فيها، لاحقاً، إلى الحاج أمين الحسيني عن طريق الشيخ حسن أبو السعود.
وفي السابعة من عمره شهد الطفل ياسر عرفات جانباً من أحداث ثورة 1936، وكغيره من الأطفال ساهم ياسر عرفات في رشق الحجارة وفي وضع المسامير أمام عجلات الدوريات البريطانية، وكان موجوداً عندما دهم جنود الإحتلال البريطاني منزل خاله سليم واعتقلوه بقسوة وعنف. وتعرض ياسر بنفسه للضرب من الجنود البريطانيين الأمر الذي ترك أثراً كبيراً في "الطفل" ياسر.
وفي العام التالي إنتقل ياسر ليعيش في كنف والده في القاهرة، المحطة التي إستقر فيها بعد تنقل في عمله التجاري بين القدس وغزة والقاهرة خلال السنوات الثماني الأولى من حياة ياسر 1929 -1937، وكان الأب يصحب إبنه ياسر معه في بعض سفراته إلى غزة والقاهرة.