الذكرى السادسة

أحيت مؤسسة ياسر عرفات، الذكرى السنوية السادسة لرحيل الرئيس الشهيد ياسر عرفات في حفل ثقافي، نظمته مساء اليوم الأربعاء 10/11/2010 في قصر رام الله الثقافي،  وأعلنت في الحفل فوز كل من معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية "ماس" ومقرها في مدينة رام الله، ومؤسسة "يبوس" للإنتاج الفني ومقرها في مدينة القدس، بجائزة ياسر عرفات للإنجاز.
وانطلق الحفل بإعلان وثيقة استقلال دولة فلسطين التاريخي، بصوت الرئيس الشهيد، تلك العبارات التي لا تزال خالدة في الوجدان الفلسطيني، قبل أن يقدم د. ناصر القدوة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات، كلمة أكد فيها على أنه وبالنيابة عن الرئيس الفخري للمؤسسة الرئيس محمود عباس، ورئيس مجلس الأمناء عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، يرى في الذكرى السنوية لرحيل الرئيس الشهيد مناسبة وطنية خاصة.
وفي كلمته في بداية الحفل، قال القدوة: نلتقي اليوم في إحياء الذكرى السنوية السادسة لرحيل الرئيس ياسر عرفات، تأكيداً منا على الحفاظ على تراثه، والالتزام به، مشيراً إلى أن مؤسسة ياسر عرفات تسعى إلى تخليد ذكرى الرئيس الراحل، والحفاظ على تراثه، والاستمرار فيما اختطه، وذلك وفاء له، وخدمة لشعبنا، وللقيم الوطنية والديمقراطية، التي آمن بها وعمل بها عرفات والشعب الفلسطيني.
وأضاف: نحن راضون عن عمل المؤسسة وتطوره، راضون بإنجاز بناء المرحلة الأولى من متحف ياسر عرفات، متحف الذاكرة الفلسطينية، الذي قدمت له الحكومة، وبتوجيه من الرئيس محمود عباس، التمويل اللازم لبنائه بجوار الضريح، ليشكلا سوياً فضاء ياسر عرفات في رام الله، وسيكون إن شاء الله جاهزاً لاستقبال أبناء شعبنا وزوارنا في كل مكان قبل الذكرى السابعة، كما أننا راضون بعمل لجنة جائزة ياسر عرفات للإنجاز، وللأهمية المركزية التي تكتسبها هذه الجائزة، وغير ذلك من الأعمال كبدايات برامج الدعم والمساعدة، والأرشفة بكل أنواعها.
وأكد القدوة أن "فعالية إحياء ذكرى الرئيس عرفات تحمل رسالة الخطر المتعاظم للاستعمار والجدار، فالاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي في أرضنا المحتلة، بما في ذلك القدس، هو أسّاس البلاء، وهو نقيض السلام، وأداة تدمير حياة ومستقبل الشعب الفلسطيني، في هذه الذكرى علينا أن نُصعد مواجهتنا للمستعمرات والجدار، وأن نطالب العالم بتصعيد مواجهته لها، وضمان وقفها بشكل تام حتى يمكن العودة لتصور إقامة السلام، وتحقيق حل الدولتين".
وفي كلمته، شدد رئيس الوزراء د. سلام فياض، على أن إحياء الذكرى السنوية السادسة لرحيل "أبي الوطنية الفلسطينية" الزعيم الخالد والقائد التاريخي ياسر عرفات، يشكل محطة لاستخلاص دروس التجربة، والتمسك بعناصر القوة للتغلب على التحديات والصعوبات التي ما زالت تعترض الطريق نحو الحرية والاستقلال. وقال: إحياء هذه الذكرى الهامة يؤكد بوضوح إصرار شعبنا على الوفاء لقائد ثورته المعاصرة، كما يعكس الإرادة التي لا تلين للسير على طريقه، واستكمال ما ناضل ياسر عرفات دوماً من أجله، وما كرس حياته لتحقيقه، ألا وهو الخلاص التام من هذا الاحتلال، الأخير في عصرنا الحديث، ووضع دولة الشعب الفلسطيني التي طالما ناضل من أجلها أبو عمار على خريطة العالم.
وأضاف فياض: استمرار الإلتفاف الشعبي حول منظمة التحرير الفلسطينية، والطريق التي أسس لها "أبو عمار" رغم كل الصعوبات، تظهر إرادة شعبنا التي لا يمكن أن تلين أمام كل هذه التحديات، على طريق إنجاز توحدت فيه حكاية ياسر عرفات بحكاية شعب فلسطين بكل طموحاته وتطلعاته، كما نتوحد اليوم خلف قيادة الأخ الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، وهو يواصل الكفاح لتحقيق تخليص شعبنا من نير الاحتلال، وتجسيد حلم ياسر عرفات في دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف، ياسر عرفات الذي وضع اللبنة الأولى والبنيان الرئيس في بناء الدولة الفلسطينية المستقلة، بإنشاء أول سلطة وطنية فلسطينية، كثمرة لتضحيات الشهداء والجرحى والأسرى، وكأبرز إنجاز للانتفاضة الشعبية المجيدة العام 1987، والتي مكنت شعبنا من إبراز الصراع على حقيقته، والتأكيد على حقه في التخلص من الاحتلال، والعيش حراً عزيزاً في وطن له كبقية شعوب الأرض.
وتابع: هذه هي حكاية ياسر عرفات مؤسس الحركة الثورية المعاصرة، ومؤسس حركة فتح، والتي تجسدت في إصرار شعبنا على إكمال فصولها، هذا هو طريقنا الذي لن نحيد عنه وفاء لتضحيات شعبنا ورمز نضاله الصلب العنيد ياسر عرفات، والذي كنت كالآلاف من أبناء شعبنا شاهداً على بعض فصول نضالاته، خاصة في فترة الحصار الذي فرضه عليه الاحتلال، وكيف كان يتصدى للأمور بهدوء وأمل، وكيف كان يحلم باستمرار أن ترفع زهرة من زهرات فلسطين، أو شبل من أشبالها، علم فلسطين، فوق أسوار القدس، ومآذن القدس، وكنائس القدس، واليوم نعدك أن هذا سيتحقق وسيرفع علم فلسطين فوق أسوار القدس ومساجدها وكنائسها.
وشدد على أنه "لتحقيق هذه الرؤية يتطلب العمل لتجسيد دولة فلسطين إلى واقع على الأرض رغم الاحتلال والطغيان، ومواصلة السير في ورشة بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية القوية والقادرة على تقديم أفضل الخدمات لشعبنا، وستكون هذه الدولة كما أرادها ياسر عرفات، دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، دولة عصرية لكل الفلسطينيين، يمارسون فيها حياتهم، وثقافتهم، وحضارتهم، دولة يفخر بها ياسر عرفات، ومحمود درويش، وكل القادة المؤسسين لمشروع الاستقلال والخلاص من الاحتلال".
وأضاف فياض: برنامج عمل الحكومة المعنون "فلسطين إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة"، والوثيقة المنبثقة عنه، والمعنونة "موعد مع الحرية"، يتمحوران حول أولويات السلطة الوطنية في تعزيز صمود شعبنا في كافة المناطق الفلسطينية، والدفاع عن مصالحهم، بالإضافة إلى بناء مقومات وركائز ومؤسسات دولة فلسطين وبنيتها التحتية، واستنهاض طاقات شعبنا، وتعزيز انخراطه في خدمة مشروعه الوطني بصورة عملية وملموسة، نحو إنهاء الاحتلال.
واعتبر أن "المشهد اليومي الفلسطيني يقوم على مواجهة الاحتلال وطغيانه وإرهاب مستوطنيه، لكن الأمل يتعزز عندما يتوفر على الأرض مشروع يمكّن أسرة فلسطينية أخرى من البقاء على أرضها، أو يمكّن مزارعاً فلسطينيا من الوصول إلى أرضه وفلاحتها، أو يمكن أطفالا فلسطينيين من الوصول إلى مدارسهم ليجددوا الأمل بانتصار إرادة الحياة لدى شعبنا، وإصراره على البقاء والثبات على أرضه"، مشيراً إلى أن ما ورد في وثيقتي الحكومة مبني على ما حققته السلطة الوطنية منذ نشأتها، بسعي دؤوب لتحقيق وتعزيز المأسسة وحكم القانون، إضافة إلى "سعينا الحديث لتحولنا من إطار التلقي إلى إطار المبادرة، وترجمة الشعارات إلى واقع بدولة فلسطينية لا يمكن لأي كان أن يتجاهله".
وأشار فياض إلى أن "الوفاء لذكرى عرفات وتراثه الكفاحي، وهو الذي وحّد شعبنا تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية وبرنامج العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة، يتمثل في العمل الدؤوب لإنهاء حالة الانقسام، وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته، وإغلاق هذا الفصل المأساوي والكارثي في تاريخ شعبنا وقضيته العادلة، وحماية منجزات شعبنا ووحدانية تمثيله التي تجسد التمسك بحقوقه، تمهيداً لإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967، في قطاع غزة، والضفة الغربية، وفي القلب منها القدس الشرقية العاصمة الأبدية لدولتنا".
وتوجه فياض بالشكر والتقدير لمؤسسة ياسر عرفات وكافة القائمين عليها على الدور الذي تقوم به من أجل حفظ تراث الرئيس الراحل عرفات والمبادئ والقيم التي عاش وضحى من أجلها، وكذلك على الدور الهام الذي تقوم به لجمع مقتنياته في المتحف الذي يجري تشييده، والذي يشكل جزءاً أصيلاً من الذاكرة الوطنية التي حملها "أبو عمار" وهو يقود شعبه نحو الحرية والاستقلال.. وقال: أتمنى أن تتمكن المؤسسة ومعها كل الوطنيين المخلصين لمدرسة ياسر عرفات وتراثه الوطني من جمع تلك المقتنيات والتي، للأسف، كانت إحدى ضحايا الانقسام، والذي لا بد، ومرة أخرى وفاءً لأب الوطنية الفلسطينية، من إنهاء فصله المأساوي، وإعادة وضع قضيتنا الوطنية في المكانة التي تستحقها في قلوب وضمائر كل أحرار العالم.
واختتم فياض حديثه بالقول: نم قرير العين يا أبا عمار. فلن يهدأ بال شعبنا إلا بتجسيد حلمك في إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ونقل جثمانك الطاهر إلى ترابها الذي عشقت.
أعمال فنية
وترافق حفل إحياء ذكرى رحيل الرئيس ياسر عرفات السادسة بجملة أعمال فنية وثقافية، من بينها معرض "الكتابة على الثلج"، ويشتمل على عشرات اللوحات المصورة لرسومات وعبارات خطها فلسطينيون، وعرب، وأجانب، على جدار الفصل العنصري، تدين الجدار، والاحتلال، وعنصريته، ومن بينها رسم لعرفات نفسه على الجدار المحيط بمطار قلنديا، الذي كان يقل آباءنا وأجدادنا إلى العالم ومنه قبل الاحتلال، ومنها رسومات تعبيرية لفنانين بعضهم معروفون، وبعضهم مغمورون، لكنهم منهمكون بحب فلسطين.
وتتنوع هذه اللوحات أو الصور التي التقطها إياد جاد الله بعدسته، في أشكالها وأحجامها، بل إن بعضها يصل إلى عشرة أمتار.. ويقول المخرج رشيد مشهراوي: نعرض هذه اللوحات ليس من باب تزيين الجدار، بل لإيصال عنصرية الاحتلال إلى جميع أناء العالم، عبر فضائية فلسطين، والفضائيات العربية والأجنبية التي ستنقل الحدث، مشيراً إلى أن اختيار اسم "الكتابة على الثلج" لهذا المعرض، فيه رمزية الذوبان، فالجدار لابد زائل، كما الاحتلال.
ومن وحي شعر محمود درويش "أرى أثري على حجر"، ينتصب في ركن آخر في قصر رام الله الثقافي، معرض "أثر على حجر"، ويشتمل على أكثر من ألف حجر قام الفنان الفلسطيني خالد محاميد بجمعها من المدن والبلدات والقرى المحتلة والمهجرة في العام 1948، ورسم عليها صوراً للرئيس الراحل عرفات مرصعة بأشعار "لاعب النرد" الذي أحضر محاميد حجارة من مسقط رأسه في البروة.
وفي إطار عنوان جامع حمل اسم "تحت سماء فلسطين"، عرضت في الحفل ثلاثة أفلام حول الاستيطان والجدار، وهي فيلم "ربيع أبو ديس" للمخرج عيسى فريج، وفيلم "درب العشاق" للمخرج خالد جرار، وفيلم "67" من إعداد المخرج رشيد مشهراوي.