قصف منزل "الختيار".. إسرائيل تدمر تراث ياسر عرفات بغزة

2024-02-22

تقرير لوكالة الأناضول/ لم يعد المنزل الذي كان يقطنه الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في قلب مدينة غزة يحتفظ بملامحه السابقة التي توثق مرحلة مهمة في تاريخ الفلسطينيين والمدينة المنكوبة حالياً على وجه التحديد، عندما كانت محوراً للقيادة الفلسطينية ومزاراً لزعماء وقادة العالم ومن بينهم الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون.

تلك الملامح التاريخية لمنزل عرفات مسحها الجيش الإسرائيلي بنيرانه كما فعل ببقية ملامح المدينة التي يتوغل فيها منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ليدمر آخر ما تبقى فيها من ذاكرة عهد الزعيم الفلسطيني الراحل.

وتوفي الرئيس عرفات عام 2004، عن عمر ناهز 75 عاما، في مستشفى "بيرسي" العسكري في منطقة "كلامار" الواقعة في العاصمة الفرنسية باريس.

ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بتسميم عرفات، ويقولون إنه لم يمت بسبب تقدم العمر، أو المرض، ولم تكن وفاته طبيعية.

وكشف تراجع الجيش الإسرائيلي من مناطق غربي مدينة غزة عن دمار واسع تسبب به قصف جوي ومدفعي لمنزل عرفات الواقع في أحد أرقى أحياء المدينة.

وتحول المنزل المملوك لصندوق الاستثمار الفلسطيني، إلى هيكل خرساني مشوه تتخلله صور للرئيس الراحل الملقب بـ"الختيار" معلقة على الجدران المدمرة والمشققة، توثق مراحل مختلفة من تاريخه، إضافة إلى صور ابنته "زهوة" عندما كانت طفلة.

في هذا المنزل عاش عرفات تفاصيل من حياته منذ عام 1995 حتى 2001 عندما غادر القطاع إلى الضفة الغربية وتمت محاصرته لاحقاً في مقر المقاطعة بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، حتى وفاته في 2004.

غرفة النوم التي كانت تضم أثاثا بسيطا وصورة لابنة عرفات "زهوة" وخزانة تضم بعض قطع ملابسه ومن بينها الزي العسكري الذي اعتاد على ارتدائه، تعرضت لدمار كامل.

ستائر خفيفة كانت تزيّن جدران تلك الغرفة وتُخفي خلفها نوافذ زجاجية مثل تلك الموجودة في أي بيت فلسطيني، أحرقتها نيران القصف الإسرائيلي كما فعلت ببقية منازل الفلسطينيين في قطاع غزة.

وعلى بعد خطوات معدودة من سرير نوم عرفات الذي سقط عليه عمود خرساني، تحطم باب خشبي كان يقود لشرفة تطل على حديقة المنزل المزينة ببعض الأشجار والورود لكنها تدمرت أيضاً ولم يعد هناك أي جزء أخضر بالمنزل الذي صبغه السواد ولون الخرسانة الرمادي القاتم.
الغرفة المجاورة التي كان يتربع في صدرها مكتب خشبي بسيط استخدمته زوجة الزعيم الفلسطيني الراحل "سها"، لإدارة أعمالها الاجتماعية،

أصبحت خرابا أيضاً فجدرانها تساقطت ومكتبها تحطم بعد أن تساقطت عليه حجارة السقف.
هذا المكتب كان يضم مستندات رسمية تعود لعرفات وزوجته وصورة من شهادة جائزة نوبل للسلام، التي حصل عليها الرئيس "أبو عمار"، عام 1994.

وعلى بعد خطوات قليلة من غرفة المكتب التي لا يمكن الدخول إليها بسبب حجم الدمار الكبير الذي لحق بها، تقع صالة الجلوس التي كانت تحتوي على عدد من المقاعد الاسفنجية، تتوسطها طاولة خشبية مغطّاة بسطح رخاميّ.

هذه المقاعد تناثرت أجزائها المكسرة في أرجاء الصالة وكستها طبقات من الغبار والرماد بفعل القصف الإسرائيلي.

حتى نوافذ المنزل وأبوابه الداخلية خرجت من مكانها جراء شدة القصف لتتناثر قطعها الخشبية في صالة المنزل التي استقبلت في زمن ما قادة فلسطينيين ومسؤولين عرب، وكانت المكان المفضل للزعيم عرفات لتناول طعام فطوره.

عشرات الأوسمة والدروع التكريمية والهدايا الرمزية التذكارية التي حصل عليها عرفات على مدار تاريخه الحافل تناثرت كذلك واحترق جزء كبير منها جراء القصف الإسرائيلي للمنزل.

وتتواجد المقتنيات الأبرز لعرفات في متحفه المقام بمدينة رام الله، فيما بقيت مقتنيات بسيطة في منزله بمدينة غزة.

وكشف الانسحاب الجزئي للجيش الإسرائيلي من غربي مدينة غزة عن دمار واسع في المنازل والبنى التحتية، وإحراق للمنازل التي تمت تسويتها بالأرض، بحسب شهود عيان.

ومنذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بدأ الجيش بالانسحاب التدريجي من مناطق بمحافظة شمال غزة، ليتبعها في بداية يناير/ كانون الثاني الماضي، انسحابات جزئية من أحياء ومناطق بمحافظة غزة.

وبين الفينة والأخرى، تشهد بعض المناطق في محافظتي غزة والشمال تقدما جزئيا للآليات الإسرائيلية ضمن مناورة ينفذ خلالها الجيش عمليات عسكرية ومن ثم يعاود للانسحاب بعد أيام.

وتواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في مناطق مختلفة من قطاع غزة ضمن هجومها البري، الذي بدأ في 27 أكتوبر الماضي.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة وتدهور ملحوظ في البنى التحتية والممتلكات، وفق بيانات فلسطينية وأممية، وهو الأمر الذي أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب "إبادة جماعية".